من نحن

المؤتمر الوزاري الخامس للتعليم للجميع بالدول التسع

يسعدنا أن نلتقي في هذه المناسبة الهامة ، مناسبة بدء أعمال المؤتمر الوزاري الخامس للتعليم للجميع بالدول التسع الأكثر كثافة سكانية في العالم
11 ديسبمر 2020
كلمة
صاحب السمو الملكي
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
رئيس أجفند
في حفل افتتاح المؤتمر الوزاري الخامس للتعليم للجميع بالدول التسع
الأكثر كثافة سكانية في العالم
وحفل افتتاح
مركز تنمية الطفولة المبكرة
بمدينة مبارك التعليمية

القاهرة
السبت 20 ديسمبر 2003 م

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدة مصر الأولى السيدة سوزان مبارك ,,
الصديق السيد كواتشيرا ماتسورا المدير العام لليونسكو ,,
معالي الأخ الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم ,,
أصحاب المعالي والسعادة ,,

السيدات والسادة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

يسعدنا أن نلتقي في هذه المناسبة الهامة ، مناسبة بدء أعمال المؤتمر الوزاري الخامس للتعليم للجميع بالدول التسع الأكثر كثافة سكانية في العالم، هذا المؤتمر الذي تشتمل أجندته على موضوعات وقضايا حيوية في هذه المجموعة التي تشكّل نحو نصف سكان المعمورة وتواجه تحديات تنموية، ما جعل قادتها يتنادون عبر إعلان نيودلهي في العام 1993م، وما تلاه من مؤتمرات في كل من إندونيسيا والباكستان والبرازيل والصين للتعامل مع أخطر مشكلاتها التنموية، المتمثلة في الكثافة السكانية، من خلال استراتيجية "التعليم للجميع"، التي تقوم على مجموعة متكاملة من الآليات والأساليب لتوظيف الطاقات الواعدة في الدول التسع، والعمل على موازنة النمو السكاني مع الامكانات والموارد المتاحة.

إن الزيادة السكانية بما يترتب عليها من تبعات اجتماعية واقتصادية، هي بلا شك التزام على الدولة، ولا بد من مواجهتها والتعامل معها بطيف واسع من السياسات التي تخفف وطأتها. ولكن في الوقت نفسه هناك في مجموعة التسع من يرى أن الزيادة السكانية ليست نقمة، بل مدخل لاستثمار نوعي . . وفي تقديرنا أن هذا المنظور الجديد يتحقق بإعداد أجيال تمتلك آليات الخلق والإبداع من خلال أسس تربوية حديثة، منذ مراحل الطفولة المبكرة. وعندئذ يمكن التعامل مع مشكلات الزيادة السكانية بطرق خلاقة ومبدعة، وإلا ظلت أعباؤها تثقل كاهل الدولة.

ومن حسن الطالع أن يأتي افتتاح مركز تنمية الطفولة المبكرة في مدينة مبارك التعليمية بالتزامن مع أعمال هذا المؤتمر الذي يعقد دورته الخامسة تحت شعار تنمية الطفولة المبكرة. حقيقة إن كلما يتصل بالطفل هو مبعث سعادتنا، لأن الأطفال هم ربيع الدنيا وزينتها وأساس كل تنمية ومنطلقها.

السيدات والسادة :

لقد كان الطفل وما يزال هاجسنا، لأنه مدخل أساسي لكل جهد هادف لتنمية بشرية حقيقية وتغييرمنشود نحو الأفضل، ولذلك نفسح له مساحة واسعة في مشروعات (أجفند)، التي تقوم فلسفتها على العلاقة الوثيقة بين فرص تحقيق التنمية البشرية المستدامة وما يوفره المجتمع، بشقيه الحكومة والأهلي من رعاية للطفل والمرأة، فاستراتيجية (أجفند) منذ تأسيسه في العام 1980م تتمحور حول هذين العنصرين المرتبطين ارتباطاً عضوياً ومصيرياً، ويشكلان الغالبية من سكان المجتمعات النامية، وبخاصة المنطقة العربية . ولذلك عجّلنا بإنشاء مؤسستين متخصصتين في تنميتهما بصفة مباشرة، الأولى هي المجلس العربي للطفولة والتنمية هنا في القاهرة، ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث في تونس .

السيدات والسادة :

لا شك أن مرحلة الطفولة المبكرة تعد حاسمة في حياة الإنسان لما تنطوي عليه من خصوصية تترك بصمات واضحة على مستقبل النشء .. ففي هذه المرحلة ، كما تعلمون تتشكل نسبة كبيرة من ملكاته ومهاراته العقلية والعاطفية والجسدية ، إذ أنه يتصف فيها بحساسية مفرطة في الاستيعاب والتلقي وإمكانية التأثير عليه بعمق ، مما يجعل مستقبله مرهوناً بالمعطيات الإيجابية والسلبية التي تحيط به في هذه المرحلة . وهذا ما يؤكد مقولة التربويين : " الإنسان هو ما يكون في طفولته المبكرة ".

ومن هنا ، يأتي اهتمام (أجفند) بتعليم الطفل في هذه المرحلة المهمة من حياته ، وتبنينا بالتعاون مع منظمة اليونسكو ووزارات التربية والتعليم في عدد من الدول العربية استراتيجية لتأسيس منظومة حديثة متكاملة من رياض الأطفال تعتمد المناهج المطورة .

فرعاية الطفل والاهتمام به ، خلال مرحلة الطفولة المبكرة ، فضلاً عن أنها تحقق منافع للطفل تستمر طيلة حياته ، وتكفل عوائد اقتصادية واجتماعية كبرى للأمة، فإن هذه الرعاية التي تعزز مفهوم التنشئة المتوازنة هي في الأصل حق أساسي من حقوق الإنسان .. فمن حق الطفل على مجتمعه أن يوفر له المناخ الملائم الذي يتلقى فيه تعليماً يعده للمستقبل، ويؤهله للإسهام في تقدم أمته. فالطفل هو نواة المجتمع، وتعليمه يشكل الاستثمار الأمثل في المستقبل . وهذه النواة قوامها صحة وغذاء ومياه نقية صالحة للشرب وبيئة نظيفة ، ومسكن صحي ملائم ، وتربية وتعليم .

- ولذلك ، فلبناء أجيال قادرة على مواكبة العصر ومستجداته ، والانسجام مع المستقبل بتجلياته المفتوحة على آفاق عريضة فلا بد أن تتوافر لكل أمة متطلعة أربعة مدخلات أساسية :

  • أولاً : وضع استراتيجية وطنية لتنمية الطفولة المبكرة.
  • ثانياً : الاهتمام بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة ليصبح جزءاً لايتجزأ من مرحلة التعليم الاساسي .
  • ثالثاً : الاهتمام بإعداد القادة والمعلمين المؤهلين لتولي مرحلة رياض الأطفال.
  • رابعاً : النظر إلى التعليم في مرحلة ماقبل المدرسة على أنها المرحلة الأهم والأساسية في التربية والتنشئة وليس فقط ـ كما هو شائع في بعض الاوساط ـ ترفيهاً مجرداً وعوناً للأمهات العاملات.

السيدات والسادة :

إنه لمما يبعث على الرضا أن خطى مشروعات (أجفند) لرياض الأطفال وتنمية الطفولة المبكرة تتقدم باطراد . فبعد تنفيذ المشروع في دول الخليج تلقى (أجفند) طلبات من دول عربية أخرى لنقل التجربة بالتعاون مع منظمة اليونسكو ووزارات التربية والتعليم. وفي مطلع هذا العام بدأنا مع معالي الأخ الدكتور حسين كامل بهاء الدين مشروع تنمية الطفولة المبكرة في مصر، وهذا المركز الذي نحتفي بافتتاحه اليوم هو من ثمرات الخطوات الجادة التي تتخذها مصر لصالح الطفل .

وحتى الآن استفادت 8 دول عربية من المشروع ، وهي السعودية، والبحرين، والإمارات ، وعمان ، والكويت ، وقطر ، والأردن ، ومصر . وهناك ترتيبات مع اليونسكو لاستفادة السودان من هذا المشروع العام المقبل .

ومما يساعد على تطور هذا المشروع القومي في البلدان العربية أن معظم بلدان المنطقة جعلت رياض الأطفال مرحلة لها نصيبها الكامل في السلم التعليمي وجزءاً لا يتجزأ من التعليم الأساسي الإلزامي. وحري بنا أن نشير إلى أن جائزة (أجفند) العالمية للمشروعات التنموية الرائدة قد خصصت إحدى جوائزها الثلاث للعام القادم 2004م لموضوع " تزويد الطفل بوسائل حديثة للوصول إلى المعرفة وفهم المستقبل". ويقيننا أن الطفل الذي نعنيه هو الطفل في جميع مراحله.

ويسرني أن أعلن عبر هذا المنبر التربوي التنموي أننا في (أجفند) على استعداد لتوسيع الشراكة الناجحة مع اليونسكو في مجال تنمية الطفولة المبكرة إلى دول مجموعة التسع وتنفيذ مشروعات رياض أطفال حديثة في هذه الدول بالتفاهم والتنسيق مع وزارات التربية والتعليم. ونحسب أن إطلاعكم على هذه التجربة في مصر ، بوصفها إحدى دول المجموعة ، سيكون مدخلاً مناسباً للتعرف على كيفية استفادة الدول التسع من المشروع .

السيدات والسادة :

إننا نؤكد دوماً أن المطلوب للنهوض بالطفولة في بلداننا هو الإرادة الصادقة والحازمة ، لأن قضايا الطفل كثيرة وكبيرة ومتشابكة ، كونها تركت تتراكم بدون حلول . وإذا لم نبذل أقصى جهد في حل مشكلات هذه الفئة فستظل طموحاتنا نحو المستقبل قاصرة ، وخطواتنا متعثرة ، لأننا سنفاجأ حتماً وباستمرار بأناس لم نكن نضعهم في الحسبان ، ولم نكن نقيم لهم وزناً ، ويصبح لزاماً على المجتمع أن يتعامل معهم ، ويستوعبهم في مؤسساته التعليمية والصحية وغيرها، وأن يتحمل تبعات الإهمال التي قد تنعكس في صورة سلوك مدمر، أو خوف وتوجس وعدم قدرة على الإقدام، أو فكر تعصبي، أو قابلية للعنف وعدم الاعتداد بالآخر. ولذلك فمن أهم القيم التي نرى أن يتشرّبها أطفالنا في مراحلهم المبكرة ويشبوا عليها قيمة التسامح واحترام الآخر، واعتماد الحوار وسيلة للتفاهم والتخاطب، وأن نجنبهم الخوف، لأن الخوف يعطل كل القدرات والطاقات الكامنة.

وفي تقديرنا أنه لن يتأتى تحقيق هذا الهدف إذا لم ندمج توجهاتنا نحو الطفولة بوضوح في الخطط التنموية، ونخصص لهذا القطاع مجالس عليا أو وزارات الطفل ، لتخليص الأفكار والمشروعات من البيروقراطية القاتلة ، ونتيح للمجتمع المدني ومنظماته الفرصة لاقتسام الأعباء والمسؤوليات مع الحكومات في هذا الشأن. لأن هذه القوى المتنامية عالمياً والتي باتت تشكل تاثيراً فاعلاً في توجيه مسارات التنمية، لديها قدرات كبيرة على إحداث التغيير ، بحكم انبثاقها من القواعد وتبنياها المطالب والاحتياجات المجتمعية المتجددة .

ختاماً ، شكراً لكم جميعاً ، ونرجو لأعمال المؤتمر النجاح وتحقيق الغايات ، كما نرجو لهذا المركز التربوي أن يكون منطلقاً آخر للاشعاع التنموي في مصر بإذن الله .

وفق الله الجميع ,، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,