من نحن

الندوة الإعلامية التي يقيمها المجلس العربي للطفولة والتنمية

يطيب لي ونحن نحتفل اليوم بصدور العدد الثامن من التقرير الإحصائي لواقع الطفل العربي الذي يصدره المجلس العربي للطفولة والتنمية، أن أرحب بكم وأتقدم بالشكر لمعالي الدكتور/ حسين عبد الرزاق الجزائري
11 ديسبمر 2020
كلمة
صاحب السمو الملكي
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
في الندوة الإعلامية التي يقيمها
المجلس العربي للطفولة والتنمية
حول التقرير الإحصائي
"واقع الطفل العربي"

القاهرة
الأحد 21 ديسمبر 2003

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب المعالي والسعادة ,,

السيدات والسادة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,،

يطيب لي ونحن نحتفل اليوم بصدور العدد الثامن من التقرير الإحصائي لواقع الطفل العربي الذي يصدره المجلس العربي للطفولة والتنمية، أن أرحب بكم وأتقدم بالشكر لمعالي الدكتور/ حسين عبد الرزاق الجزائري، مدير المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، على استضافة هذه الندوة وتقديم كافة التسهيلات المطلوبة.

لقد وضع المجلس العربي للطفولة والتنمية قضية المعلومات في صدارة اهتماماته لإيماننا بأن المعلومات هي الركيزة الأساسية لأي عمل تنموي. فكلما توافرت وزادت دقتها، فإنها تساعد صانع القرار على اتخاذ القرارات الصائبة وتهيئ للباحثين والدارسين ما يعينهم على التحليل واستخلاص النتائج .

ومن هذا المنطلق ، فقد بادرنا بتأسيس مركز معلومات الطفولة بالمجلس في العام 1990 لسد الفراغ المعلوماتي عن أوضاع الطفل العربي ، ثم تبنينا إصدار التقرير الإحصائي عن واقع الطفل العربي لتقديم صورة واقعية بالأرقام ترتكز على قواعد بيانات إحصائية في المجالات المختلفة المتعلقة بالطفولة.

ونحن إذ نفعل ذلك إنما ندرك مدى النقص الذي يعانيه عالمنا العربي في المعلومات والإحصاءات الدقيقة ، وما يترتب على ذلك من آثار فادحة تصل إلى ذروتها عندما نجد تضارباً في الأرقام بين هيئتين رسميتين في البلد نفسه. ولعل هذه المشكلة هي واحدة من أسباب تأخر إصدار التقرير حرصاً على تدقيق الأرقام التي استند عليها، وهو الأمر الذي اقتضى جهداً كبيراً من معدي وفريق العمل بمركز معلومات الطفولة.

السيدات والسادة :

تأتي هذه الندوة، التي تظهر مدى أهمية المعلومات والأرقام الدقيقة بعد أيام من عقد القمة العالمية لمجتمع المعلومات بجنيف في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر الجاري، فالدلالة الأكثر أهمية لهذه القمة هي أنه لا مستقبل لأي دولة أو منطقة تتخلف عن ثورة المعلومات والاتصالات التي تخلق عالماً جديداً بدأت ملامحه تتشكل وتقدم لنا مؤشرات أولية عن مصير من ينكص عن المشاركة في بنائه.

إن نظم المعلومات والاتصالات، التي تمثل أهم معالم العالم الجديد، ليست مجرد برامج إلكترونية يمكننا استيرادها وتشغيلها، بل هي نمط حياة بأكمله يضع المجتمع على طريق النهضة الشاملة .

ويعني ذلك أن علينا إدخال تغيير جوهري في بعض أنماط سلوكنا التي تعوق بناء مجتمع المعلومات والمعرفة في العالم العربي، وليس هنا مجال شرح كل ما ينبغي علينا أن نفعله، ولكنني أوجز فأقول إن المهمة الأكثر إلحاحاً الآن هي تغيير الذهنية التي تحول دون إحلال المعلومات والأرقام والإحصاءات والمعادلات محل الخطاب الإنشائي والبيان الساحر والعبارة الرنانة والكلام المُرسل.

إن مجتمع المعلومات الذي يتوقف مستقبل أمتنا على النجاح في بنائه لا يتحقق بمجرد إرساء بنية تحتية للاتصال عبر شبكة الإنترنت مهما كان حجمها ، بل يقتضي العمل في الوقت نفسه لتغيير الذهنية السائدة وتنشئة الأجيال الجديدة على احترام العلم والتفكير العلمي الذي يعتمد على معلومات صحيحة وأرقام دقيقة ويعرف أهمية ذلك وكيفية الوصول إليه ويدرك أن هذا هو السبيل لتحقيق التنمية المستدامة .

ويقتضي ذلك تغييراً كبيراً في برامج ونظم التعليم والتدريب من أجل محو الأمية الإلكترونية وإتاحة الفرصة لكل شخص لاكتساب المهارات اللازمة للدخول إلى عصر المعلومات مسلحاً بالعقلية الملائمة له وليس فقط بجهاز كومبيوتر يتصل بشبكة الإنترنت .

ولا يعني ذلك إنني أقلل من أهمية وضع وتنفيذ خطط طموحة للنهوض بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في بلادنا والسعي إلى الحد من الفجوة الرقمية مع الدول المتقدمة، أو الفجوة في توطين استخدام هذه التكنولوجيا في الحياة اليومية . ولكنني أنبه إلى أن هذه الخطط لا تثمر إلا عندما يواكبها عمل جاد لتغيير أنماط سلوكنا التي لا تناسب الانتقال إلى مجتمع المعلومات الذي يعنى بالمعرفة والأرقام والإحصاءات ويعرف كيف يستخدمها من أجل تحسين مستوى حياة المواطنين بكل فئاتهم الاجتماعية .

السيدات والسادة :

هذا هو التقرير الثامن لواقع الطفل العربي الذي بدأ إصداره عام 1992. ثم توقف لعدة سنوات لأسباب تنظيمية و فنية، ولكن كان هناك إصرار على إعادة إصداره ، وتم ذلك فعلاً عام 2001، ثم بدأ مركز معلومات الطفولة في مراجعة وتقييم التقارير السابقة بهدف تطوير هذا العمل، وشكل لذلك لجاناً فنية واستشارية ضمت نخبة من الخبراء المتخصصين قاموا بوضع منهجية جديدة في أسلوب تناول وتحليل المؤشرات الإحصائية، مما ساهم في تطوير هذا العدد من التقرير الإحصائي الذي يعد الأول من نوعه على المستوى العربي .

وقد تلا إعداد التقرير، عقد ندوة علمية حضرها أكثر من عشرين خبيراً في المجالات الإحصائية والديموجرافية والتنموية والإعلامية، قاموا باستعراض وتقييم التقرير وتقديم نظرة مستقبلية للتقارير القادمة. وكان من أهم التوجهات التي أسفرت عنها المناقشات ضرورة الاستعانة بمصادر أخرى للبيانات والتعاون مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات العربية والدولية التي لها اهتمام بقضايا الطفولة لمواجهة نقص البيانات، وأن يكلف عدد من الخبراء الإقليميين بدراسة وتحليل بعض الظواهر التي يعاني منها الطفل العربي وأن يستفاد بذلك في إصدار تقارير نوعية مع إعادة النظر في دورية صدور التقرير بشكله الحالي . كما دعت الندوة إلى دعم قنوات الاتصال مع الدول العربية لضمان استمرار تدفق البيانات والاستفادة من نتائج الدراسات والتقارير التي يقوم بها المجلس، وتشكيل لجنة مصغرة لوضع تصور عن كيفية مواكبة التقرير للمتطلبات المستقبلية خاصة ما يتعلق بحقوق الطفل والتشريعات التي تحميها، وأن يتولى المجلس العربي للطفولة والتنمية مهمة توفير بنك معلومات للطفل العربي يتيح للكوادر الإعلامية بشكل خاص البيانات التي تساعد على نشر الوعي بقضايا الطفولة .

السيدات والسادة :

لقد أوضح التقرير العديد من المؤشرات التي يجب دراستها وأخذها في الاعتبار عند وضع السياسات التي تتعلق بتنمية الطفولة. ومن هذه المؤشرات المراحل المختلفة للطفولة، ذلك أن نسبة الأطفال أقل من سنة في الوطن العربي تبلغ نحو 2.8% من إجمالي السكان البالغ عددهم حوالي 280 مليون نسمة حسب تقديرات عام 2000، أما الأطفال في سن سنة واحدة إلى أقل من 6 سنوات فتبلغ نسبتهم نحو 13.8% من إجمالي عدد السكان، وفي سن 6 سنوات إلى أقل من 12 سنة تصل النسبة إلى حوالي 15.7%، أما الشريحة المتبقية حتى سن 18 عاماً فتبلغ نحو 14.4%. هذه الأرقام تعني أن نحو نصف سكان الوطن العربي هم في مرحلة الطفولة، وأن العناية بهذه المرحلة تنطوي على أثر حاسم فيما يتعلق بمستقبل الأمة العربية .

كذلك يدل التقرير على أنه مع انخفاض عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة فلا زال المعدل يتجاوز 100 في الألف في بعض الدول العربية، ويتراوح ما بين 8.1% في الألف إلى 28.8 في الألف بين الأطفال الرضع، بل ويزيد عن 68 في الألف في دولتين عربيتين . وتتراوح نسبة المواليد ناقص الوزن من 6-13% لتصل إلى مداها 23% في دولة عربية .

ويكشف التقرير على أن معدلات الأمية لا زالت عالية سواء بين الكبار وهم المسئولون عن رعاية أطفالنا، أو بين الأطفال المتسربين من التعليم أو الذين لا تتوفر لهم النوعية الجيدة من التعليم، ويبلغ متوسط معدل الأمية في الوطن العربي حسب تقديرات عام 1999 حوالي 48.4%. ولا زالت نسبة الالتحاق بمؤسسات رياض الأطفال متدنية بالرغم من أهميتها الفائقة حيث تبلغ 15.4%.

أما بالنسبة للخدمات الإعلامية والثقافية فبالرغم من قلة البيانات، فإن المؤشرات تبين عدم الاهتمام الكافي بها سواء من حيث الكم أو الكيف.

وكذلك الأمر بالنسبة للرعاية الاجتماعية للطفل العربي وخاصة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والأيتام. وبالرغم من الجهود الحكومية أو الأهلية المبذولة، فلا شك أننا ما زلنا في حاجة إلى الكثير من الجهد لكي نقدم لهذه الفئات ما يمكنها من الاندماج في المجتمع، ويمكن المجتمع من الاستفادة من طاقاتها الكامنة.

وهناك أيضاً مشكلة أطفال الشوارع التي انشغل البعض بتسميتها بدلاً من العمل على حلها والتخفيف من آثارها. ولقد نبهنا مراراً إلى خطر تفاقم هذه الظاهرة وأثرها الخطير في المجتمع ورغم ندرة البيانات المتوفرة وصعوبة الحصول عليها، فإننا نلاحظ ازدياداً في أعداد هؤلاء الأطفال وهم أطفالنا ولا يجب أن نتخلى عن مسؤوليتنا عنهم ، وهو ما دعا المجلس العربي للطفولة والتنمية إلى وضع استراتيجية عربية لمشروع التصدي للظاهرة معتمداً على الخبرات العربية المتميزة في هذا المجال لإعداد وثيقة متكاملة على منهج علمي مدروس تشخيصاً للظاهرة واقتراحاً للحلول ووضعاً للخطط والبرامج الصالحة للتنفيذ مع الأخذ في الاعتبار بخصائص وطبيعة الاختلاف بين الدول والشعوب وبدأ تنفيذ المشروع في خمس دول عربية هي السودان ولبنان ومصر والمغرب واليمن ، حيث بدا التنسيق مع الجهات المعنية في هذه الدول لوضع خطط قطرية للتصدي للظاهرة وفي هذا السياق قام المجلس بتنظيم حفل خيري لصالح أطفال الشوارع جمع خلاله ما يعادل مبلغاً وقدره 756 ألف وثلاثمائة وثلاثين دولار حول منه ستمائة ألف دولار في حسابات بنكية لصالح المشاريع في الدول الخمس بواقع 120 ألف دولار لكل دولة وحول للعملة الوطنية بها ، كنواة لتنفيذ المشروع القطري في كل دولة في هذه الدول الخمس ، وخصص الباقي في موازنة لهذا المشروع القومي للإنفاق منه على الدراسات والبحوث والزيارات الميدانية ، إلى غير ذلك من الأمور . وهذه هي مجرد بداية ، وما زال الشوط طويلاً والطريق صعباً .

السيدات والسادة :

إن المؤشرات التي يحفل بها التقرير تؤكد أننا لا زلنا في حاجة إلى الكثير من العمل والجهد ، وإلى تضافر جهود الحكومات ومنظمات المجتمع المدني العربية ، والمنظمات الدولية في سبيل حل مشكلات الطفل العربي . ولابد من التأكيد هنا على الدور الهام الذي يجب أن تقوم به أجهزة الإعلام والتربية العربية من أجل نشر الوعي بقضايا الطفولة وإلقاء الضوء على التجارب الناجحة في علاج بعض مشكلات الطفولة من أجل تبادل الخبرات وتعميم الفائدة .

وفي الختام ، أوجه الشكر لكل من ساهم بجهده في إنجاز هذا التقرير، وأدعو كل الجهات المعنية بالطفولة سواء الحكومية أو غير الحكومية للتعاون مع المجلس والاهتمام بتوفير المعلومات والإحصاءات الخاصة بقضايا الطفولة تمهيداً لبناء شبكة عربية لمعلومات الطفولة تكون بوابة لكل المعنيين بهذه القضية. وتتيح لهم الحصول على المعلومات التي تساعدهم على أداء أدوارهم في خدمة الأطفال في وطننا العربي .

والآن اسمحوا لي أن أترك الفرصة لكم جميعاً للحوار والمناقشة مع معدي التقرير وفريق العمل بالمجلس للإجابة عن أي استفسارات فنية، كما أرحب – بل أطلب منكم- أن تقدموا كل ما ترونه من مقترحات تساعد في تطوير هذا التقرير وتعميم الاستفادة منه ، فالمسؤولية مشتركة وكل منا يقدم ما يستطيع من أجل وضع لبنة في صرح النهوض بطفلنا العربي .

وفق الله الجميع ,، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,