من نحن

حفل تسليم جائزة أجفند العالمية للمشروعات الرائدة بتونس

من هنا كان يجب أن نبدأ.. وإن كان البعض يسخر مما تلقيناه من تعليم في السابق، وينسى أو يتناسى ما كان يهدف إليه هذا التعليم، إلا أنه لا أحد يستطيع أن يُنكر أن هذا الدرس الأول كان يحمل بين طياته منهاج عمل كامل
11 ديسبمر 2020
بسم الله الرحمن الرحيم

معالي السيد/ رافع دخيل، وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج.

أصحاب المعالي والسعادة السفراء

السيدات والسادة :

بداية اسمحوا لي أن أتذكر معكم درساً من دروس اللغة العربية، طالما نحن في رحاب تونس الخضراء..

درس تلقيناه جميعاً في الزمن العزيز الماضي الذي كنا فيه أعزاء.. يجسد طموحات أوطان في كلمتين رددهما أطفال لم يكن يساورهم شك في حاضرهم، كما لم يكن مستقبلهم سابح في الهواء.. الكلمة الأولى هي أمل يصاحبه العمل، والثانية نتيجة للأولى.. تباركها السماء..

فمنذ نعومة أظفارنا.. ويوم استوعبت الحروف عقولنا.. نطقت ألسنتنا: زرع .. ثم..حصد..

من هنا كان يجب أن نبدأ.. وإن كان البعض يسخر مما تلقيناه من تعليم في السابق، وينسى أو يتناسى ما كان يهدف إليه هذا التعليم، إلا أنه لا أحد يستطيع أن يُنكر أن هذا الدرس الأول كان يحمل بين طياته منهاج عمل كامل.. للأسف عجزنا عن تطبيقه.. فلم نتمكن من إطعام أنفسنا من حصادنا، وآثرنا أن نأكل مما يزرع غيرنا..

تلك مُقدمة دفعني إليها حزني الشديد على ما آلت إليه أحوالنا.. ولم يكن أمامي بد من البوح به أمامكم لنتقاسم معاً همومنا وآمالنا.. فقد يكون ما نعيشه في الواقع مُجرد كابوس سينقشع بلا شك.. إذا لم يطل سباتنا..

وعذراً إن جاءت الكلمات مؤلمة وعلى غير العادة.. فقد اعتدنا أن تكتسي مؤتمراتنا دوماً أزهى الألوان.. كما اعتادت آذاننا على سماع أشجى الألحان.. ولكن كيف تزدان أجسادنا؟ وتتغنى ألسنتنا؟ في الوقت الذي يتعرض فيه بعض من أشقائنا.. لشتى أنواع الهوان..

لقد كان من المفترض أن أقف أمامكم مفاخراً بما حققناه في برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند) من نجاحات في شتى المجالات التنموية منذ أن قرأنا في عام 1980 عند تأسيسه واقع هذا المستقبل المرير الذي نعيشه الآن.

كما كان من المقرر أن أشيد فرحاً بالأرضية الصلبة التي تقف عليها اليوم جائزة الأجفند العالمية للمشروعات التنموية الرائدة من خلال ست سنوات مضت مملوءة بالبذل والعطاء من جميع القائمين عليها من موظفين ومحكمين تحت رعاية لجنتها المستقلة التي تتشكل من شخصيات عالمية بارزة.. والنجاح الذي حققته الجائزة في استقطاب المشروعات المتميزة التي يبذل منفذوها جهوداً كبيرة لشرف الفوز بالجائزة، والذين يسرنا أن نحتفي بهم الليلة.

ولكن كيف لنا أن نفرح في وقت أصبح نيل الفرح بالنسبة لنا عزيزاً.. وخيم الظلم والقهر والعدوان على بلدان شقيقة.. فأذل شعبها.. بعد أن كان عزيزاً..

السيدات والسادة :

إنني من على هذا المنبر أرفع صوتي منادياً : ليكف الآخرون أيديهم عنا ، ويتيحوا لنا الفرصة لتضميد ما سببوه لنا من الجراح .. وأن يتحلوا بالعدل حتى تتمكن الشعوب من الحصول على حقوقها السليبة وتجنح إلى إلقاء السلاح .

وإن كنت أوجه كلامي إلى القوى الأجنبية التي تحتل البلدان.. فلا أستثني من ذلك أبناء جلدتنا الذين يوجهون غضبهم إلى صدورنا فيصيبون من لا ذنب له.. ويشيعون الخوف بين الناس ويخربون الأوطان.

هذا النداء يدفعني إلى حث القائمين على جائزة أجفند - التي طالما التزمت بموضوعات التنمية البشرية الموجهة إلى الإنسان – أحثهم بعد هذا التغيير الذي أراه في عالم اليوم، أن يتوجهوا بمشروعات الجائزة إلى عقل الإنسان، ففي العقل تنبت فكرة الحرب، وفي العقل تُبنى حصون السلام، كما جاء في المواثيق الدولية، فقد يساعدنا ذلك – على المدى البعيد – أن نتقي أسباب اشتعال الحروب ويجنبنا شرور استمرارها.

السيدات والسادة :

إن الصورة هكذا تبدو حالكة السواد.. إلا أن ذلك لا يجب أن يثبط عزائمنا أو يجعلنا نركن إلى اليأس وكلما اقتربنا من النجاة آثرنا الابتعاد.. فمن حُسن الطالع أن بعض الشعوب العربية قد حسمت أمرها وقررت أن تمنح ثقتها لزعاماتها لتقود معها مسيرة البلاد..

فقد سلم الشعب التونسي الشقيق من خلال الانتخابات الأخيرة إلى فخامة الأخ الرئيس زين العابدين بن علي، مقاليد الحاضر، مؤملاً في غد أفضل ومستقبل أزهى، محافظاً بذلك على المكاسب التي حققها في الفترة الماضية في مجالات التنمية عموماً والتنمية البشرية بصفة خاصة، ومنها على سبيل المثال: دعم حقوق المرأة، وإنشاء وزارة تُعنى بشؤون الطفل، أضف إلى ذلك الأسلوب الحضاري لمواجهة تبعات ظاهرة الطلاق المتمثل في صندوق (النفقة وجراية الطلاق) الذي يعتبر وسيلة لحماية الأبناء بعد أن تفككت الأسرة، توفر لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة،كل هذه المكاسب تنبئ عن اختيار طريق التنمية وصولاً إلى ما يتمناه الجميع.

ومن جانب آخر تعهد فخامة الرئيس بالحرص على احترام القانون وتطبيقه، وضمان حرية الاختيار والشفافية والنزاهة، مؤكداً على أن تونس للجميع، وأن بناء مستقبل الوطن هو حق لكل أبناء الوطن مهما تباينت اتجاهاتهم الفكرية والسياسية. وفي اعتقادي أن فخامته ما كان ليتعهد لشعبه إلا بما هو عازم على تنفيذه.

إن الشعوب أيها السيدات والسادة تنظر بشوق إلى يومها القادم، وهي تواقة إلى النهوض في كافة المجالات، وإن كانت قد آزرت حكامها اليوم ضد الهجمات الشرسة التي يتعرضون لها من الخارج، فهي تنتظر أن تجني من ذلك إصلاحاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً نابعاً من ذاتها، ويحقق طموحاتها، متيحاً لشتى التيارات مشاركة وطنية مخلصة لوجه الله والوطن، وإنني لعلى ثقة من أن هذا اليوم قريب.

السيدات والسادة :

إن ما يجمعنا الليلة هو احتفال سبقته خمسة احتفالات مماثلة، وكما هي عادتنا في كل عام نقوم بتكريم الذين ساهموا بفكرهم وعملهم وقدموا هذه النماذج المُشرفة من المشروعات، فبكل الاحترام والتقدير نثمن تلك الجهود المخلصة التي أسفرت عن المشروعات الفائزة التالية:

1) مشروع تطور قطاع التمريض بصعيد مصر، الذي نفذه مركز خدمات التنمية التابع لمنظمة نير ويست فاونديشن، وساهم في تمويله القطاع الخاص المصري.

2) مشروع البرنامج المركب للحفاظ على البيئة وحمايتها في بنجلاديش، الذي نفذته بعثة إحسانية دكا.

3) لجنة الديمقراطية في تقنية المعلومات، الذي نفذه السيد/ رودريغو بايجو في البرازيل.

وختاماً أيها السيدات والسادة ، أتوجه بالشكر إلى فخامة الرئيس زين العابدين بن علي وحكومته والشعب التونسي الشقيق على سامي الإشراف من فخامته ، ودفء الاستقبال والاستضافة ، كما يسعدني أن أرحب بكم دائماً ضيوفاً كراماً تشاركوننا دائماً هذا الحفل السنوي، وأدعو الله أن يجمعنا بكم في عام جديد أرجو أن يكون سعيداً .

وفق الله الجميع لما فيه الخير، والله يحفظكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته