من نحن

حفل جائزة برنامج الخليج العربي العالمية في عامها الرابع

من منطلق مفهومنا للسلم والتعاون الدوليين، والتعايش بين شعوب الأرض بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو حتى المعتقد السياسي، أسس أجفند جائزته العالمية لحفز العقول على الإبداع
11 ديسبمر 2020
كلمة
صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز
رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية
في
حفل تسليم جائزة أجفند العالمية
للمشروعات التنموية الرائدة
وتنصيب سموه مبعوثاً خاصاً لليونسكو للمياه
مبنى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة
(يونسكو) باريس
الأربعاء 18 ديسمبر 2002


بسم الله الرحمن الرحيم
 
سعادة السيد/ كوتشيرو ماتسورا ,,
المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" ,,
أصحاب المعالي والسعادة ,,
 
السيدات والسادة :
 
يسعدنا ونحن نحتفل معاً بقطف ثمار عمل وجهد بُذل في أماكن مختلفة من العالم وصولاً إلى تنمية بشرية متنوعة تشير إليها المشروعات الرائدة والمتميزة التي كان من نصيبها جائزة هذا العام، أن نعبر عن شكرنا وتقديرنا للسيد كوتشيرو ماتسورا مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) على استضافة هذا الحفل في مقرها في باريس.
 
ومما يزيد سعادتي أن شرفتني هذه المنظمة الرائدة بإعلاني مبعوثاً خاصاً للمياه.. وقد مست المنظمة بذلك وتراً حساساً.. فإن موضوع المياه يشغل حيزاً كبيراً وهاماً من اهتماماتي الشخصية وكذلك عملنا في برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند)، ولذلك فإنني أقبل شاكراً ومُقدراً هذه المهمة، آملاً أن أتمكن من المساهمة بجهدي المتواضع في كل ما من شأنه إبراز الإيجابيات وتنحية السلبيات المتعلقة بهذا الموضوع الحيوي الهام .
 
ولا شك أن تبني اليونسكو لهذا الموضوع الهام سوف يسهل من مهمتنا للعمل معها على دعم الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لما لهذه المنظمة من خبرة في هذا المجال وغيره من المجالات التي تهم الإنسان.
 
السيدات والسادة :
 
وإن كانت السعادة هي عنوان هذا الاحتفال.. إلا أن الصورة التي يبدو عليها العالم في الوقت الراهن لا توحي بذلك، وأسمحوا لي أن أقرأ على مسامعكم عبارة تقول كلماتها:(طفلة تعود إلى دارها… جندي يبدأ حياة جديدة… قرية تزدهر… تلك هي.. الأمم المتحدة تعمل).
 
لقد استوقفتني هذه العبارة التي تصدرت موقع منظمة الأمم المتحدة على شبكة المعلومات العالمية "الإنترنت" كشعار لعملها.. كلمات صيغت بعناية وإبداع.. دلالتها تُنبئ عن آفاق واسعة من الآمال.. يزدحم بها العقل.. تستصرخ اللسان.. تشحذ الهمم..إنها دعوة إلى مستقبل جميل ومُشرق.. وصورة وردية مضيئة..
 
ولكن حقيقة الأمر أن الواقع الذي يعيشه العالم مرير، وتتخبط فيه بوجه خاص الدول النامية.. التي تنبعث منها رائحة الموت لتُطارد تلك الطفلة التي لم تعد إلى دارها ولن تعود.. فببساطة هي لم يعد لها دار بعد أن دمرتها آلة الحرب، كما أن الجندي الذي سيبدأ حياته الجديدة ما زال مستمراً في القتل وسفك الدماء.. في ظل هذه القتامة التي تُخيم على العالم.. كيف للقرية أن تزدهر؟ لتعيش فيها طفلة الأمم المتحدة وجنديها..
 
السيدات والسادة :
 
وإذا كانت هذه القتامة تخيم على العالم كله، فإنها أكثر انتشاراً في أجواء منطقة الشرق الأوسط التي تعاني شعوبها ويلات صراعات قديمة لا تنتهي ، وأخرى جديدة تضيف المزيد من الآلام .
 
فالصراع العربي الإسرائيلي الذي تجاوز عهده نصف قرن من الزمن يبدو كما لو أنه يزداد حدة بدلاً من أن تخف شدته بعد ماراثونات طويلة من المفاوضات، وعدد من القرارات الدولية التي لم تُنفذ معظمها. واليوم تعيش الأجيال الجديدة في الشعب الفلسطيني وضعاً أكثر مأساوية مما عانته أجيال سابقة عاصرت التشريد والتهجير في حربي 1948 و 1967.
 
وكأن هذه المنطقة المنكوبة كان ينقصها أن تصبح مسرحاً رئيسياً للحرب ضد الإرهاب تلك الحرب التي تحولت إلى أداة لإعادة ترتيب النظام العالمي عموماً والشرق الأوسط بصفة خاصة. واتسع نطاقها ليشمل أزمات سابقة عليها وكان بعضها في طريقه إلى الحل قبل إشعال فتيلها مجدداً، مثل الأزمة العراقية التي نخشى أن تكون حرباً طاحنة تضيف أوجاعاً أخرى إلى الآلام التي تئن منها شعوب المنطقة.
 
السيدات والسادة :
 
إن الحرب هي الحرب بالنسبة إلى سواد الناس وضعافهم الذين يتحملون أشد أوزارها وأنه لعار على البشرية أن تظل عاجزة عن وضع نهاية لها، وفي منطقة الشرق الأوسط التي تتقاذفها تيارات التهديد والوعيد يفقد الإنسان فيها كل مقومات الحياة.. وتختطفه الحروب بلا رحمة من الحياة.. وفي غمرة بحثه عن مكان فوق الأرض يعيش عليه سعيداً، يدفعه اليأس إلى اختيار باطنها ليرقد فيه.. فقد يكون شهيداً.. وتستمر دائرة العنف في الاتساع.. وسط سحابة حالكة السواد.. عصية على الانقشاع.. وإننا وإن كنا لا ننكر أن مشاكل العالم النامي قديمة وعويصة.. وللأمم المتحدة لها فيها باع.. فإن الشعوب تنتظر أن يكون لها أيضاً ذراع.
 
السيدات والسادة :
 
ونحن في برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند) قد التزمنا منذ نحو ربع قرن بأن نولي التنمية البشرية اهتمامنا.. إيماناً بأن تنمية الإنسان هي السبيل لحمايته من مخاطر الحياة، وكان عملنا مسانداً لجهود الأمم المتحدة التي تُعنى بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، كما نتعاون مع منظمة اليونسكو في سعيها الدءوب لمخاطبة العقول على أساس أن (فكرة الحرب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام) للقضاء على فكرة الحرب والتدمير في مهدها..
 
السيدات والسادة :
 
إن جهود الجميع تكاد أن تذهب سدىً في وسط هذه الأنواء العاصفة من هنا وهناك.. ويمثل عدم الاستقرار العالمي تهديداً حقيقياً لأي تنمية بشرية.. ففي هذا الجو المشحون لا يستطيع المبدعون أن يبدعوا.. ولا الباحثون أن يتوصلوا لنتائج عملية لبحوثهم.. ولا الإنسان العادي يأمن على نفسه غدر يوم لا يدري متى وكيف سيكون..
 
ولذلك فإنني .. باسم الإنسانية .. ومن على منبر هذه المنظمة التي ملأت الدنيا نوراً وثقافة، والتي نادت وما زالت بنبذ أفكار الحرب والدمار .. أدعو أصحاب القرار في العالم أن يتحينوا الفرص السانحة لإتاحة السلام لجميع الشعوب .. ولا يتركوا العنان للأصوات التي تقرع طبول الحرب.. ففي رحاب السلام يُمكن حل جميع المشكلات المُعقدة منها والمزمنة .. ولا تؤخذ شعوب مسالمة بجريرة فئة قليلة منها توهمت أنها تحتكر الحكمة وحدها .. فسلكت طريقاً دموياً أملته عليها أفكارها المشوشة .. ودفعتها إليه في الوقت نفسه أفعال الآخرين الجائرة .. فالإحساس بالظلم يولد أفكاراً متطرفة تمثل بيئة صالحة لأعمال غير مسؤولة .. رأيناها جميعاً وأدت إلى ما نحن فيه الآن من مأزق ..
 
وإننا وإن كنا جميعاً ضد الإرهاب بمختلف صوره وأشكاله ، فإننا وبذات القوة نعلن أننا ضد إرهاب الدولة ، فهو أشد بطشاً وأقسى مرارة ، ويولد المزيد من الإرهاب الذي يستشري في المجتمعات ، وتتوارثه الأجيال ، ويودي بالحضارات ويعصف بالقيم .
 
السيدات والسادة :
 
من منطلق مفهومنا للسلم والتعاون الدوليين، والتعايش بين شعوب الأرض بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو حتى المعتقد السياسي، أسس أجفند جائزته العالمية لحفز العقول على الإبداع وصولاً إلى مشروعات رائدة ترمي إلى صون كرامة الإنسان.. وتتيح له فرصاً تنموية تعزز من قدراته ومهاراته الذاتية دفعاً له للمشاركة الإيجابية في تقدم مجتمعه وازدهاره..
 
وإن أربع سنوات من عمر الجائزة تُشير إلى أنها تؤدي دورها بنجاح ، فالمشروعات التي فازت جميعها مشروعات رائدة تهدف إلى معالجة القضايا التي تشكل محاور رئيسية في التنمية البشرية لمجتمعاتها ، وإن كنا سعداء بتلك النتائج إلا أننا في أجفند لن نركن إلى ما توصلنا إليه .. فهدفنا هو التطوير المستمر والبحث الدائب عن مشروعات تفتح آفاقاً جديدة لصالح المجتمعات الإنسانية.. ونأمل أن تكون موضوعات الجائزة في عامها الخامس ملبية لهذا التطلع .. فالقضايا المطروحة في الفروع الثلاثة للجائزة وهي : تأهيل وتشغيل اللاجئين ، حماية الأطفال من الإساءة والإهمال ، والمبادرات الإبداعية في مجال الحد من الفقر.. تسير كلها في هذا الاتجاه ..
 
السيدات والسادة :
 
ختاماً نُكرر شكرنا لسعادة المدير العام كوتشيرو ماتسورا والعاملين معه على استضافة هذا الحفل، كما نشكر السادة أعضاء لجنة الجائزة على الجهود التي يبذلونها ، ونشكركم أيها السيدات والسادة على مشاركتنا هذه المناسبة الطيبة .
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,