كلمة صاحب السمو الملكي
الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود
رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند"
ورئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية
في افتتاح أعمال المنتدى العربي للمناخ
2 أكتوبر 2022 القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحبة المعالي وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد
سعادة مساعد أمين عام جامعة الدول العربية السفيرة هيفاء أبو غزالة
سعادة رئيس مجلس إدارة الشبكة العربية للمنظمات الأهلية الأستاذ الدكتور حسن البيلاوي
أصحاب المعالي والسعادة
السيدات والسادة الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله اوقاتكم بكل خير
نلتقي اليوم صناع قرار، خبراء، إعلاميون ومهتمين بالشأن المناخي، على أرض مصر الحبيبة، أرض الحضارات والعلم والعلماء، لتدشين أعمال المنتدى العربي للمناخ تحت شعار "معا لتعزيز إسهام المجتمع المدني في العمل المناخي"، وذلك تجسيداً لشراكة عربيةٍ، فاعلةٍ ومؤثرةٍ تهدف إلى تعزيز دور المنظمات الأهلية العربية في العمل المناخي، سعياً إلى دور قيادي وإيجابي، يستند إلى قاعدة معرفية وعلمية، و لتسليط الضوء على فئات المجتمع الأكثر عُرضةً لخطر التغير المناخي، إضافة إلى الاستثمار في حلول مبتكرة للحد من آثار التغير المناخي، وتسليط الضوء على نماذج عربية مضيئة في التحول الأخضر .
السيدات والسادة الحضور الكريم
يأتي انعقاد هذا المنتدى قبل أسابيع قليلة من انطلاقة أعمال قمة المناخ COP 27 (مؤتمر الأطراف) والتي تستضيفها جمهورية مصر العربية في مدينة شرم الشيخ، في ظروف مناخية عالمية تشهد تغيرات تاريخية. فما أن بدأ العالم يتعافى من جائحة كورونا، حتى إندلعت الأزمة الأوكرانية، مصحوبةً بجملةٍ من الازمات الاقتصادية، خصوصًا في الطاقة والغذاء، إذ مع تصاعد هذه التحديات ما لبثت بعد ذلك الظواهر المناخية التي يصفها الخبراء بـ"المتطرفة" تنتقل إلى عدد من مناطق العالم، حيث عايشنا موجات الحر الشديد وحرائق الغابات في أوروبا والولايات المتحدة، ثم الفيضانات التي إجتاحت عدداً من الدول العربية والآسيوية، ونتيجة لكل ذلك اجتاحت موجات الجفاف أوروبا والولايات المتحدة والصين وبعض دولنا العربية، وهو ما ينذر بشتاء قادم شديد البرودة وفقًا لتقديرات العلماء.
السيدات والسادة الحضور الكريم..
إن ما يشهده العالم من ظواهر مناخية غير مسبوقة، ليست وليدة الصدفة، فمنذ أعوام وهذه الظواهر المتقلبة تنذر بما نشهده في وقتنا الراهن، حيث أصبحت تطال الجميع. وفي الوقت ذاته، لم تكن الجهود المبذولة كافية ولا تحقق المستهدفات المتمثلة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تزامنا مع التوسع باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التكيف من خلال التحولات الاستباقية اللازمة بحيث نصبح أكثر مرونة وصموداً في مواجهة تداعيات تغير المناخ.
إنه من المقلق حقاً، أن دولنا العربية تعد من أكثر مناطق العالم عرضةً و تضرراً من جراء التغير المناخي، ومن هنا علينا أن ندرك أن العمل المناخي الفعال أصبح التزاماً أخلاقياً مشتركاً من الجميع، وعلى الأطراف التنموية كافة، تحمل مسئولياتها، إذا أردنا بكل جدية ومسؤولية، الإبقاء على كوكبنا صالحاً للعيش المستدام لنا وللأجيال المقبلة.
السيدات و السادة.. الحضور الكريم
لقد تأخر العالم في الاستجابة للتغيرات المناخية، فقد كشف التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ IPCC والذي يرصد آثار التغير المناخي على الناس والنظم البيئية، عن مؤشرات مفزعة منها: أن أكثر من 40٪ من سكان العالم يعيشون في أماكن و أوضاع "شديدة التأثر بتغير المناخ"، وأن شخصاً واحداً من كل ثلاثة أشخاص يتعرض للإجهاد الحراري القاتل، و أن ما يقرب من نصف سكان العالم يعانون من ندرة المياه الشديدة في فترات مختلفة من العام، كما أن تغير المناخ أدى إلى خفض نمو الإنتاجية الزراعية في الكثير من دول العالم.
كل ذلك يشكل تهديدًا مباشراً لسبل العيش والأمن الغذائي العالمي. هذه المؤشرات المناخية الخطيرة لن تتوقف هنا، لكنها ستؤدي إلى تزايد وتيرة النزوح البشري، حيث بلغ متوسط أعداد النازحين بسبب الكوارث المناخية أكثر من 20 مليون شخص سنويا وفقا لإحصاءات وتقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ومركز مراقبة النزوح الداخلي IDMC.
إزاء كل تلك التحديات وبالرغم من حجم الصعوبات القائمة، علينا أن لا نقف مكتوفي الأيدي، فالصورة ليست قاتمةً تماما، فهناك جهود و إنجازات واعدة تضطلع بها العديد من الحكومات و المنظمات سعياً إلى تحسين جودة حياة الإنسان، دون أن يكون ذلك على حساب البيئة و المناخ.
ومن أهم تلك الجهود الدولية تخصيص جائزة الأمير طلال الدولية للتنمية، فروعها الأربع 2021 لموضوع التغير المناخي، حيث من المقرر تكريم الفائزين الأربعة أثناء انعقاد قمة المناخ COP 27 (مؤتمر الأطراف) في شرم الشيخ. إضافة الجهود المصرية المبذولة في إطار التمهيد للقمة، والتي سيكون لها أثر مباشر على حث الدول المشاركة على العمل لإنقاذ كوكبنا.
إن جائزة الأمير طلال الدولية تعمل وفق منهجية علمية صارمة ورصينة أكسبتها لما يقارب 23 عامًا احترامًا دوليًا خصوصًا من الشركاء الدوليين في الأمم المتحدة، وأسهمت الجائزة البالغة قيمتها مليون دولار في تحفيز الابتكار والتنمية دوليًا بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بنسخة التجارب الفائزة المتميزة وتطبيقها في بلدان تحتاجها، وهو ما نأمله في ملف التغير المناخ.
في الختام، أذكر الجميع أن الوقوف بشجاعة وفي وقت مبكر في وجه التحديات المناخية، ووضع خطة حلول قبل تفاقم الوضع ليست ترفًا أو خيارًا بل مسؤولية تاريخية تحتاج الى التحالف؛ تمكين وقوة وحكمة القادة وشجاعة وعلم الخبراء، وحرص وشراكة صناع الإعلام والتوعية، مُتَطلعًا إلى أن تسهم أوراق العمل والنقاشات الثرية حولها خلال أعمال هذا المنتدى، في الوصول إلى خارطة طريق للمنظمات الأهلية العربية تمكنها من القيام بالدور المنوط بها في بناء مجتمعات عربية صديقة للبيئة والمناخ.
أرفع الشكر والتقدير لمصر قيادة وحكومة ومؤسسات مجتمع مدني لاحتضانها مثل هذا الحراك التنموي الحضاري، كما أشكر كافة الجهات ذات الاسهامات المميزة معنا اليوم في منظومة العمل العربي الأهلي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التاريخ:2/10/2022