من نحن

مؤتمر الخمسين لمجلس وزراء الصحة في دول مجلس التعاون

إنه لمن دواعي السرور والسعادة المشاركة في المؤتمر الخمسين لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
11 ديسبمر 2020
كلمة
صاحب السمو الملكي
الأمير طلال بن عبد العزيز
رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية

في
الجلسة الافتتاحية
للمؤتمر الخمسين لمجلس وزراء الصحة
في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
 
أصحاب المعالي ,,

الأخوات والأخوة:

إنه لمن دواعي السرور والسعادة المشاركة في المؤتمر الخمسين لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وذلك تلبية لدعوة كريمة من معالي الأخ الدكتور محمد أحمد الجار الله وزير الصحة ، هذه المُشاركة التي أتاحت لنا الفرصة للإطلاع على النهضة الكبيرة التي تشهدها الكويت في جميع المجالات كنتاج طبيعي للسياسة الحكيمة التي ينتهجها صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير البلاد حفظه الله وحكومته الرشيدة وبمؤازرة صاحب السمو الشيخ سعد العبد الله الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ، وصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية .

ولعله من حُسن الطالع أن يجيء عقد هذا المؤتمر في دولة الكويت التي أعلنا قبل أيام قليلة اختيارها مقراً للجامعة العربية المفتوحة، وهو المشروع الذي رعى خطوات تطوره منذ البداية برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية إلى أن وصل إلى مرحلة إعلان دولة المقر وهي مرحلة أساسية تسبق بدء الدراسة في هذه الجامعة في شهر أكتوبر القادم، وسوف يتبع ذلك إنشاء فروع لهذه الجامعة في دول عربية شقيقة أخرى إن شاء الله .

إنكم أيها الأخوات والإخوة تدركون الصلة الوثيقة بين التعليم والصحة ، وهما كما أشرنا في مناسبات سابقة، يمثلان توجهاً أساسياً لجامعة الدول العربية، ولمنظمة الأمم المتحدة التي تضم في عضويتها منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أكد أمينها العام هذا التوجه في تقريره الخاص بالألفية الثالثة الذي جاء فيه : " إن من هم أوفر حظاً في التعليم والصحة يتمتعون بالقدرة على انتقاء خيارات أفضل لإغناء حياتهم " ، فالإنسان الذي يعاني الجهل والمرض تضيق أمامه وتكاد تنغلق فرص الخيار ويفقد وسائل الإسهام في دفع عجلة التنمية في مجتمعه فيصبح عبئاً ثقيلاً عليه " . ولذلك فإن التنمية المستدامة ، التي هي مسؤوليتنا جميعاً ، تتطلب أن نعمل معاً من أجل توفير كافة الإمكانات التي تُعزز وضع سياسة اجتماعية تفي بمتطلبات التنمية الحقيقية ، ولا شك أن الاستثمار في مجالي الصحة والتعليم هو في مقدمة أولويات هذه التنمية .

ومن هنا فإننا نعول كثيراً على الدور المؤثر للجامعة العربية المفتوحة في الإسهام بالنهوض بالقطاع الصحي في المنطقة العربية وذلك من خلال ما تقدمه من برامج متطورة ومواكبة لاحتياجات التدريب وإعادة التأهيل وترقية الأداء مستهدفة الكوادر الصحية على وجه الخصوص .

الأخوات والإخوة:

لقد انتهت دراسة صحة الأسرة الخليجية وصدرت التقارير الرئيسية عنها، وبين أيديكم نتائج وتوصيات الندوة الختامية للمشروع التي أقيمت بتنسيق وتعاون بين الدول العربية الخليجية. وباطلاعنا عليها ودراسة أولويات البحوث الصحية ـ خاصة أننا قد بدأنا بالخطوات الأساسية لدراسة مشكلة الأمراض الوراثية والتي منها أمراض الدم الوراثية باعتبارها مشكلة صحية اجتماعية اقتصادية ونفسية ذات تأثير كبير على المصابين في دول المجلس ـ فإننا نؤكد أهمية الدراسة وضرورتها .

لذلك فإننا نتطلع إلى أن تولوا هذه التوصيات جُل اهتمامكم تنفيذاً ومتابعة وتحديثاً بما يتناسب والفوائد الجليلة التي تجنيها مجتمعاتنا من المعلومات القيمة والموثوقة التي يوفرها هذا المشروع العلمي ضماناً لوضع سياسات صحية واجتماعية مناسبة تستند على المعلومة الصحيحة التي هي أساس كل قرار سليم. فالمعلومات المغلوطة كما تعلمون لابد أن تفضي حتما إلى قرار خاطئ .

إن المشروعات المطروحة على هذا المؤتمر ، هي على جانب كبير من الأهمية والإلحاح، لما تُشكله من تأثيرات عميقة وذات دلالات على كل خطوة تستهدف تحقيق مفهوم الصحة للجميع وترسيخه . لقد كنا ولا نزال نؤمن أن الصحة مسؤولية مجتمعية تضامنية لا ينبغي أن تترك لوزارات الصحة وحدها ، مهما توافرت لها من طاقات وإمكانات ، ولذلك فإننا نرى أن تكون استراتيجيتنا القادمة جعل الصحة مجالاً مفتوحاً لكل شرائح المجتمع وفعالياته ، لتساهم فيه بالتمويل واقتسام الأعباء والمسؤوليات مع الحكومات، فهنالك دور لهيئات المجتمع المدني وجمعياته ، ودور للقطاع الخاص ، وللجامعات ومعاهد التأهيل والتدريب ومراكز الأبحاث، وللمنظمات الأممية والدولية والإقليمية ، بخبراتها وإمكاناتها المتعددة .

ومما يؤكد فعالية وأهمية هذه الاستراتيجية أن التوجهات الحديثة في التنمية تنزع إلى التعاطي مع جملة عوامل تكوّن ما يُسمى بالنمط الحياتي المتكامل عند وضع الخطط والبرامج، وهو تركيبه متكاملة تهتم بالبرامج الغذائية والبيئية والرياضية والخدمات الصحية بشكل تكاملي ومتوازن تأخذ كافة هذه الأبعاد في الاعتبار حيث لا يمكن الحديث عن تنمية بيئية أو صحية بمعزل عن الأبعاد الأخرى، لكي يكون الهدف النهائي بناء مجتمع يتكون من أفراد أصحاء يستطيعون النهوض بمسوؤلياتهم بكفاءة . والنمط الحياتي إذاً تركيبه متكاملة وعناصر موزونة وما نعتقد أنه إنجاز في مجال واحد ، هو في الحقيقة وضع مختل ولا يعدو أن يكون طفرة لا تستند إلى ثوابت، وبالتالي لا يُقاس عليها .

ولعل بعض القضايا المطروحة من خلال أوراق عمل هذا المؤتمر، مثل مكافحة التدخين ، والوقاية من أمراض القلب ، هي أساس جيد لنمط الحياة القياسي المستهدف الذي يؤسس المجتمع المتوازن .

وإذا كنا نتحدث عن أسلوب النمط الحياتي المُتكامل في التعاطي مع قضايا المجتمع، فإننا نتساءل في هذا السياق عن المعلومات الخطيرة التي عُرضت من خلال برنامج تليفزيوني وثائقي بثته مؤخرا إحدى القنوات الفضائية العربية ، وأظنكم قد اطلعتم عليه ، حيث تناول هذا البرنامج مشكلة صحية خطيرة وهي تلك الناجمة عن استخدام اليورانيوم المخصب إبان حرب الخليج الأخيرة والمضاعفات الصحية الآنية والمستقبلية الناتجة عنها والتي بدأ يُثار حولها جدل علمي وسياسي على نطاق واسع . ولعلكم الجهات الأكثر صلة بهذا الموضوع والأقدر على التحقق من هذه المعلومات ووضع التدابير اللازمة لمواجهتها .

نعلم أن فتح ملف كهذا سيُثير حساسيات ويصطدم بقيود وعقبات ، لكن الأمر يفرض علينا أن نتجاوز كل الحساسيات ونتخطى كل القيود والعقبات ، ونعدكم أننا سنكون عوناً لكم في كل هذه الجهود بما تتطلبه من مساهمات معنوية ومادية ، فمسؤوليتنا أمام الله وأمام شعوبنا والحرص على مستقبل أجيالنا ، كل ذلك يقضي أن نكون على درجة من الشفافية في معالجة هذه القضية الشائكة ، ولا ننسى أنه إذا صح ما بثته هذه القناة الفضائية فنحن شعوب المنطقة من سيتحمل تبعاته ومن سيدفع كلفته الاجتماعية الباهظة جداً ، وعلى مدى أجيال، ولا ننسى أن الله لن يغفر لنا ، ولا شعوبنا ولا التاريخ سيرحمنا إذا تهاونا فيما كان يجب أن نضطلع به برأي أو قرار .

نسأل الله أن يقي مجتمعاتنا كل سوء.

وفقكم الله ,، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,