من نحن

مقر منظمة اليونسكو بمناسبة الجلسة الختامية للسنة الدولية للمياه العذبة

يسعدني أن أكون بينكم اليوم في هذه الجلسة المنعقدة بمناسبة انتهاء السنة الدولية للمياه العذبة ، إذ أن قضية المياه هي إحدى أهم وأخطر القضايا التي ستؤثر على مستقبل عالمنا وعلى رفاه وازدهار الأجيال القادمة
11 ديسبمر 2020
كلمة
صاحب السمو الملكي
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية
ومبعوث اليونسكو الخاص للمياه
التي ألقاها خلال الجلسة الإطلاعية
للوفود الدائمة للدول الأعضاء في منظمة اليونسكو
بمناسبة الجلسة الختامية للسنة الدولية للمياه العذبة

مقر منظمة اليونسكو - باريس
الثلاثاء 20 يناير 2004م
 
بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة السيد كوتشيرو ماتسورا مدير عام اليونسكو
السادة ممثلي الوفود الدائمة لدى اليونسكو
السيد جون ميشيل جار سفير اليونسكو للنوايا الحسنة

السيدات والسادة :

يسعدني أن أكون بينكم اليوم في هذه الجلسة المنعقدة بمناسبة انتهاء السنة الدولية للمياه العذبة ، إذ أن قضية المياه هي إحدى أهم وأخطر القضايا التي ستؤثر على مستقبل عالمنا وعلى رفاه وازدهار الأجيال القادمة، ولكنها لا تحظى حتى الآن بالقدر الضروري من الاهتمام الدولي الشامل بالرغم من الجهود المضنية التي تبذلها منظمة اليونسكو.

ولذلك فإنني أشعر بسعادة غامرة كلما وجدت ما يدل على ازدياد هذا الاهتمام الدولي ولو بمقدار. وقد لمست بالفعل رغبة الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو لتوحيد جهودها والإسهام بفعالية أكثر خلال العام المنصرم من أجل اكتشاف أساليب مبتكرة لمواجهة مشكلة نقص المياه.

ويشجعني ذلك ، أيها السيدات والسادة ، على أن أتطلع إلى المرحلة القادمة بمزيد من التفاؤل والأمل ، وأن أفكر معكم في آفاق هذه المرحلة وأطرح عليكم ثلاث نقاط رئيسية بشأنها :

أولاً: ضرورة الارتقاء بالجهود المبذولة لدراسة قضية المياه من جميع جوانبها دراسة منظمة ومنهجية، وإنني أتطلع إلى يوم تكون فيه قضية المياه فرعاً من فروع العلم يتخصص فيه الطلاب منذ وقت مبكر ويتعمقون في مختلف جوانبه، وليس فقط في الجوانب الاقتصادية التي يتناولها دارسو الموارد المائية، لقد قامت منظمة اليونسكو بدور كبير في إعداد قاعدة بيانات حول المياه العذبة، وتحقيق تراكم في هذا المجال منذ أن أطلقت البرنامج الدولي لعلوم المياه عام 1975، ودعمت جهود معهد اليونسكو للمياه بأن دعت لعقد مؤتمر المياه والتنمية الدائمة في مدينة ديلفيت بهولندا وكان من دواعي سروري أن شاركت في هذا المؤتمر وتحدثت إلى بعض الشباب الذين تجمعوا من دول نامية عديدة للدراسة في هذا المعهد. وقد قررت مساعدتهم في عملهم.

ولدينا هنا برنامج الأمم المتحدة الدولي لتقييم المياه الذي تستضيفه منظمة اليونسكو وترعاه. واسمحوا لي أن أتقدم بخالص شكري للمدير العام الذي أسهم بخبرته ودعمه المتواصل في إعداد التقرير الدولي الخاص بتطوير مصادر المياه، ووضعه على جدول أعمال رؤساء العالم. وفي الحقيقة لولا حماسه والتزامه الشخصي لما تسنى لنا الحصول على هذا التقرير اليوم .

إن هذه الجهود تضع الأساس لبناء علم متكامل الأركان يبحث في قضايا المياه من أجل سد الحاجة المتزايدة إلى فنيين ومهندسين واقتصاديين وعلماء في هذا المجال الحيوي . وعلينا أن نستثمر الكثير في التعليم والتدريب . ففي أفريقيا وحدها علمت أنه يجب رفع عدد المحترفين في قضايا المياه بما يساوي نحو 250 في المائة لوضع استراتيجيات المياه موضع التنفيذ بكفاءة وفعالية .

ثانياً: ضرورة نشر الوعي العام بأهمية وخطورة قضية المياه على أوسع نطاق وتقديم حوافز للاهتمام بها. ومن الأساليب الفعالة في هذا المجال تنظيم مسابقات وتقديم جوائز متنوعة، وفي إمكان مختلف المؤسسات التي تعمل في مجال التنمية بوجه عام أن تساهم في ذلك.

لقد تبرع برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند) الذي أتولى رئاسته حتى الآن بأكثر من 31 مليون دولار أمريكي لدعم 32 مشروعاً للمياه حول العالم ، ويقدم هذا البرنامج جوائز سنوية للمشاريع الإنمائية الرائدة ، وكان المشروع الأخير الفائز في مجال إدارة المياه يتعلق بتدريب المقاولين المحليين على تصنيع وتسويق مضخات الري اليدوية ، وتركيب أجهزة يدوية لحفر الآبار لمزارعي القطاع الخاص في النيجر لتحقيق الفائدة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء . إن هذا الأسلوب يساهم في حل المشكلة من خلال الابتكار .

السيدات والسادة :

إن اهتمامي بقضايا المياه ، وحرصي الشديد على تدارك المخاطر التي تنتج عن سوء التعامل مع هذه المادة الغالية ، أوصلني إلى التنبؤ بمستقبل غير آمن تنتظره البلدان التي تتغافل عن المواءمة بين توفير الغذاء ? مع ما يتطلبه ذلك من هدر للمياه ? وبين المحافظة على مصادرها المحدودة، الأمر الذي دفعني منذ اثنا عشر عاماً إلى توجيه دعوة إلى حكومة بلادي لإتباع سياسة أكثر حرصاً على مصادر المياه واعتبار ذلك هدفاً استراتيجياً.

ثالثاً : ضرورة ترويج الأساليب المتطورة لإدارة مصادر المياه المحدودة ليس فقط لأهداف التنمية وإنما لتحقيق الاستقرار السياسي أيضاً.

وقد سرني كثيراً أن الدورة 167 لمجلسكم التنفيذي التي انعقدت قبل عدة أشهر قد قررت إنشاء صندوق التكافل الدولي: المياه للجميع. وعليه فإنه يسرني توجيه تبرع الأجفند بمبلغ مليون دولار ? ذلك المبلغ الذي سبق أن التزمنا به أثناء زيارتنا السابقة لمدينة ديلفيت - لهذا الصندوق، وأدعو الجميع في داخل هذه الغرفة وخارجها لتوحيد الجهود للتبرع لهذا الصندوق المهم. كما أتمنى أن أرى النسخة العربية من التقرير الدولي لتنمية المياه، وكذلك بدء نشاطات التدريب والتعليم من أجل تحقيق الأهداف التنموية للألفية الثالثة.

إن آمالنا المعلقة على هذا الصندوق كبيرة، وربما يكون مفيداً أن يركز في المرحلة الأولى لعمله على البحث في إمكانات اكتشاف مخزون المياه الجوفية في أفريقيا، وقد أسعدني وجود إجماع على أن الطبقات الصخرية الأفريقية تحوي كميات كبيرة من هذه المياه، الأمر الذي يحفز على بذل أقصى جهد ممكن للاستفادة منها، وينبغي أن نلاحظ أن امتداد الطبقات الصخرية يجعل المياه الجوفية مشتركة بين دولتين أو أكثر في بعض الأحيان، وهذا وضع قد يخلق خلافات بين هذه الدول وعلينا أن نكون مستعدين للسعي إلى مواجهتها حتى لا نحل مشكلة ونخلق مشكلة أخرى.

السيدات والسادة :

إن العمل الواجب إنجازه كبير ومضني، ولكنه سيعود بالفائدة على الإنسانية كلها، وأتمنى لكم النجاح في ذلك. وتعرفون جيداً مدى استعدادي دائماً لمساعدة اليونسكو في تحقيق أهدافها النبيلة انطلاقاً من رؤية علمية متكاملة لا بديل عنها في هذا العصر. ومن هذا المنطلق فإنني ألتزم بدعم ومساندة هذا البرنامج الدولي الذي تستضيفه اليوم منظمة اليونسكو وترعاه.

وفق الله الجميع ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته