من نحن

ندوة العون العربي الإنمائي بدبي

نـدوة العون العربي الإنمائي الخطاب الرئيس كلمة مجموعة التنسيق في ندوة التعريف بالعون العربي الإنمائي التي تعقد بمناسبة الاجتماع السنوي للبنك وصندوق النقد الدوليين
11 ديسبمر 2020
نـدوة العون العربي الإنمائي الخطاب الرئيس كلمة مجموعة التنسيق في ندوة التعريف بالعون العربي الإنمائي التي تعقد بمناسبة الاجتماع السنوي للبنك وصندوق النقد الدوليين يلقيها صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز رئيس (AGFUND ) دبي ـ دولة الأمارات العربية المتحدة السبت 20 سبتمبر 2003م

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب المعالي ,,

أصحاب السعادة، أعضاء الوفود ,,

السيدات والسادة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

نيابة عن مجموعة التنسيق للصناديق ومؤسسات التنمية العربية ، يسعدني الترحيب بكم في هذا الملتقى الذي يشكل جزءا من سياسة المجموعة الرامية إلى التفاعل والحوار مع الجهات الأخرى العاملة في ميدان التنمية ، بوصفنا جميعاً نسعى لتحقيق الهدف نفسه . ولا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر لمجموعة التنسيق القائمة على تنظيم هذا الملتقى ، وثقتها بنا المتمثلة في إسنادها مسؤولية التحدث في هذه الندوة التي موضوعها " العون العربي الإنمائي " ( ARAB DEVELOPMENT AID ) ، والتي أرجو أن تثمر تنويراً ، وأن تكون باعثة للأفكار والآراء بما يفضي إلى حوار حيوي وبناء. كما أود في هذا المقام التعبير عن عميق الشكر والامتنان للبنك وصندوق النقد الدوليين على عقد اجتماعهما السنوي هذا العام في المنطقة العربية لأول مرة . وبقدر ما نرى في هذا تقديراً كبيراً للعالم العربي بأكمله ، نأمل في أن يكون الاجتماع بداية لمزيد من الاهتمام بدعم الاقتصادات العربية ومساعدتها لمواجهة مشكلاتها .

السيدات والسادة :

يجمعنا اليوم في هذا اللقاء المهم هدف مشترك بشأن العالم وشعوبه. فإذا نظرنا من حولنا نشاهد الفقر المدقع، والمجاعة والأمراض وعدم المساواة والتهميش . فالإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 800 مليون نسمة يعانون من الجوع , ويموت الآلاف يوميا من أمراض يمكن الوقاية منها بجانب أعداد كبيرة من الأطفال ، الذين هم عدة مجتمعنا الإنساني في المستقبل ، ينشأون أميين .

ومن جهة أخرى ، نلاحظ أن الإفراط في التبذير أصبح ظاهرة سائدة في الدول الغنية بصورة تعكس بقوة أكثر من أي وقت مضى ، أننا ، أيها السيدات والسادة ، نعيش في عالم ينقسم انقساما بيناً إلى فقراء معدمين وأغنياء ميسورين. وهذا التفاوت الكبير والمستمر هو في الواقع عار شنيع على الجميع إن لم تتخذ خطوات عملية لردم هذه الهوة. فكيف يمكننا أن نفسر حقيقة أن (حوالي نصف سكان العالم ) ، أي أكثر من ثلاثة بلايين من إخوتنا في الإنسانية مجبرون على العيش بأقل من ثلاثة دولارات في اليوم؟ إن هذه الهوة ترتّب على الدول الأكثر تقدماً وثراءاً مسؤولية تاريخية ذات شقين . فهي مسؤولية أخلاقية يفرضها التشارك في الإنسانية . وهي أيضاً مسؤولية سياسية واجتماعية يدفع إليها الطموح في بناء نظام عالمي أكثر استقراراً ، وفي هذا الاستقرار مصلحة للدول الأكثر تقدماً .

ولا يعني ذلك أن تصبح الدول النامية عالة على العالم . فهذا أمر غير مقبول ولا مرغوب . ونحن هنا اليوم لنؤكد ذلك من خلال إبراز أهمية العون العربي الإنمائي ، إذ يعتقد كثيرون أن الاستجابة للاحتياجات التنموية للدول النامية تكمن في ذات الدول النامية التي تواجه نفس التحديات . وأشير هنا إلى الدول العربية المانحة، التي هي نفسها من الدول النامية ولكنها ألزمت نفسها بعمل كل ما تستطيع لمساعدة الدول التي هي في وضع أسوأ منها . وهذا هو جوهر العون العربي الإنمائي الذي نحن بصدد الحديث عنه .

السيدات والسادة :

المساعدات العربية لها تاريخ طويل ومتميز يمتد لنصف قرن من الزمان , فأصولها ترجع إلى برامج أنشأتها دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في الستينيات من القرن الماضي، بدافع الرغبة المخلصة في المساعدة إلى أقصى حد ممكن في جهود التنمية في الدول الفقيرة. والحقيقة أن المانحين العرب لم يساهموا فقط بفاعلية في صياغة مصطلح التضامن الجنوبي – الجنوبي بل هم الذين واصلوا ممارسته. وقد استمرت هذه الجهود دون توقف على الرغم من السنوات العجاف التي مرت بالدول العربية النفطية منذ عقد الثمانينيات في القرن الماضي .

وقد تم تمويل العون العربي بطريقتين أساسيتين: الأولى عن طريق المساهمات في الموارد الرأسمالية الأساسية لمؤسسات التنمية التي أنشئت على ثلاثة مستويات : الوطني والإقليمي والدولي . فهذه هي الآلية التي تم من خلالها تكوين الأسس الأولية لرأس مال المؤسسات الثماني المكونة لمجموعة التنسيق. وبالإضافة إلى ذلك يضم هذا الجانب الإسهامات الكبيرة المقدمة من بعض الدول العربية المانحة لبنك التنمية الأفريقي والوكالة الدولية للتنمية ( آيدا IDA ) ، والبنك وصندوق النقد الدوليين وغيرها. والآلية الثانية تشمل المعونات الثنائية على مستوى الحكومات.

وبنظرة عامة يبدو سجل العون العربي الإنمائي هو الأفضل عند مقارنته بسجل الأمم الصناعية الغنية. وحقيقة فقد شكل المانحون العرب منذ منتصف السبعينيات إلى منتصف الثمانينات أحد أكبر المجموعات المانحة. وحتى في هذه الأيام تتفوق الدول العربية المانحة على دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ( أو . إي . سي . دي OECD ) من حيث النسبة المئوية لمساعدات التنمية الرسمية إلى الناتج القومي. فمساهمة الدول العربية البالغة نسبتها خمسة وثمانين من مائة بالمائة 0.85% تكاد تصل ثلاثة أضعاف نسبة الـ الثلاثين من مائة بالمائة 0.30 % المقدمة من الدول الغربية المانحة، بل وتتجاوز النسبة المستهدفة عالمياً كنسبة مقبولة والبالغة سبعة من عشرة بالمائة 0.7%. وكل هذه المجهودات تحققت في الوقت الذي كانت الدول العربية المانحة تواجه مشاكل اقتصادية .

السيدات والسادة :

للسائل أن يسأل : أين تذهب المساعدات التنموية العربية ؟ وربما يُعذر المرء إذا افترض أن المساعدات الثنائية المتبادلة بين الدول العربية تذهب بصفة رئيسة إلى قليل من الدول التي تربطها علاقات وثيقة مع المجموعة المانحة . و على العموم فهذه سمة عامة لكل المساعدات الثنائية. فعلى سبيل المثال يذهب جل المساعدات الفرنسية إلى الدول الناطقة بالفرنسية ، وتذهب المساعدات البريطانية في غالبها إلى دول الكومونولث . لكن المساعدات العربية الثنائية لا تخضع لهذه القاعدة. بل على العكس من ذلك تصل المساعدات العربية الثنائية إلى ما هو أبعد من الجيران المباشرين، إلى أمم قاصية لا تربطها بالمجموعة العربية المانحة أي روابط دينية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية كدولة بابوا غنيا الجديدة ، وهندوراس, وغرينادا وبليز. ناهيك عن أن العون العربي الإنمائي متعدد الأطراف يصل إلى مدى أوسع من ذلك إذ يغطي جميع الدول النامية في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط و أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وأوربا الشرقية. وتتركز المساعدات في كل هذه المناطق على الدول الفقيرة والأقل نمواً.

دعونا نعود بذاكرتنا إلى الوراء قليلا لقمة الأمم المتحدة للألفية عام 2000 ، وبالتحديد لإعلان الألفية الذي تبناه رؤساء حوالي 150 دولة من دول العالم ، وتعهدوا فيه بتحقيق عدة أهداف تنموية بحلول العام 2015. وجميعنا يذكر هذه الأهداف ، فهي تتضمن خفض الفقر بنسبة النصف، ووقف انتشار مرض نقص المناعة المكتسب (الأيدز)، ووقف التدهور البيئي. ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف الحوار والحديث والقرارات ذات الأهداف النبيلة. فقد تحاورنا فيما بيننا ضمن قضايا أخرى بشأن العولمة، وحول مديونية الدول النامية وحول الخصخصة والتجارة. لكنا نسينا أن هذه الكلمات لا تعني شيئاً بالنسبة للفقراء. فالفقراء يحتاجون الغذاء والماء والرعاية الصحية الأولية وفرص العمل ، يحتاجون للمدارس وكل ذلك لمستقبل زاهر لأبنائهم. فهذه الأشياء التي تهمهم هي التي تعني التغيير الحقيقي وهي المعيار الحقيقي للتطور . فهل قدمنا لهم ذلك؟ بالطبع لا . لقد قطعنا تقريبا ربع الطريق بالنسبة للإطار الزمني المقترح ولكن ما حققناه على أرض الواقع من إنجازات ملموسة يعد نزراً يسيراً لا يمكن التباهي بالكشف عنه.

السيدات والسادة :

بعد أن استعرضنا العون العربي الإنمائي بمفهومه الواسع أود الآن التركيز على حجم هذا العون ومجاله والمبادرات التي انبثقت منه أو شارك فيها .

إن الطاقة المالية للمؤسسات الأعضاء في مجموعة التنسيق تمثل قوة مؤثرة في ميادين التنمية، حيث يبلغ إجمالي قاعدة رأس المال ، المدفوع والاحتياطيات حوالي 57 بليون دولار أمريكي منها 33 بليون دولار احتياطي. وقد بلغ ما قدمته المجموعة من دعم تنموي حوالي 76 بليون دولار أمريكي عبر أكثر من 4500 عملية تمويل استفاد منه نحو130 بلداً نامياً.

وقد بلغ متوسط الاعتمادات السنوية خلال العقد المنصرم 2.5 بليون دولار في كل عام، محققـة بذلك نمواً سنويا بمعدل يزيد عن 6.5%. وفي عام 2002 فقط زادت الالتزامات عن 6 بلايين دولار أمريكي. وذلك استجابة للاحتياجات المتزايدة للدول النامية التي فرضتها الظروف المستجدة .

وإذا ألقينا نظرة على الامتداد الجغرافي للعون العربي الإنمائي، نجد أن الدول الأفريقية حصلت على 50% من إجمالي التزامات المجموعة. ومن المرجح أن يتنامى هذا المعدل خلال السنوات القادمة بسبب مبادرتين مهمتين اتخذتا مؤخراً وتدعمهما المجموعة. الأولى هي الشراكة العربية الإفريقية الجديدة التي صيغت في المنتدى الاقتصادي العربي - الإفريقي الذي عقد في طرابلس - ليبيا في سبتمبر 2002. و الثانية هي قيام الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا ( نيباد NEPAD ) والتي أعتقد أن الزميل المتحدث التالي في هذه الندوة سوف يتناولها بشئ من التحليل والتفصيل .

كما استفادت قارة آسيا أيضا من حصة كبيرة من تمويل المجموعة تصل إلى 48% ، وذهبت البقية إلى أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي وأوروبا الشرقية. ولقد تأثر توجيه العون العربي باحتياجات التنمية الحقيقية في الدول المستفيدة. و أعطيت الأولوية في كل مجموعة للدول الأقل نمواً ذات الدخل المنخفض مع عدم تجاهل احتياجات التنمية لدى الدول متوسطة الدخل.

وبالإضافة للمشاريع ذات الطابع المحلي أو الوطني تقوم المجموعة بتشجيع العمليات ذات الأثر الإقليمي الواسع. وقد أفادت كل القطاعات الاقتصادية تقريبا في الدول المستفيدة من المساعدات العربية التنموية. وأكبر القطاعات المستفيدة كانت قطاعات البنية التحتية ( النقل والطاقة والمياه والزراعة).

ويتميز العون العربي الإنمائي بكونه ميسر الشروط بشكل كبير، حيث يتراوح عنصر المنحة فيه مابين 25 – 75% ، كما أن إجراءات الشراء والتعاقد المصاحبة لها غير مقيدة. وهي بذلك تستجيب لاحتياجات الصرف السريعة للدول المستفيدة. فقد تم حتى اليوم صــرف مابين 70 – 75 % من إجمالي الالتزامات بالإضافة إلى المنح التي تقدم لأغراض المساعدة الفنية والتدريب وبناء المؤسسات وحالات الكوارث الطبيعية.

لقد تركزت أهداف العون العربي الإنمائي على التقليل من حدة الفقر، وتضييق هوة الدخل بين الفئات السكانية مع تشجيع فرص العمل وتعزيز الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية. وشملت أساليب المساعدة تمويل مشروعات البنية التحتية والقطاعات الاجتماعية ودعم ميزان المدفوعات والمساعدات الفنية وأخيرا بناء القدرات والدعم المؤسسي. وهنالك مجال آخر جدير بالذكر، وهو القطاع الخاص حيث أخذت مؤسسات العون العربي الإنمائي تنشط فيه بشكل متزايد مدركة الأهمية المتزايدة لهذا القطاع كمحرك للتنمية الاقتصادية مثلها مثل المؤسسات التنموية الأخرى.

وبالمثل فإن عمليات الاختيار وتمويل العمليات تقوم على الأسس المقبولة دولياً فيما يتعلق بأولويات التنمية الوطنية والجدوى الفنية والجدوى الاقتصادية والمالية وملاءمة البيئة. وبمرور الزمن كان هنالك تحسن مطرد في مفعول المساعدات التي تقدمها المجموعة، بإتباع أفضل الطرق في اختيار ومراقبة وتقييم المشروعات.

وقد حدث تحول كبير في علاقة مؤسسات العون العربي مع الشركاء الاستراتجيين وخاصة الدول المتلقية للمساعدات. فخلال أعمال التنمية ضمنت مؤسسات العون العربي التزام المستفيد وولاءه للمشروع منذ البداية. فقد دخلت في ترتيبات شراكة مع مؤسسات تمويل أخرى متعددة الأطراف، وبالتحديد من خلال التمويل المشترك لمشاريع التنمية، كما دعمت مجالات الإدارة الاقتصادية الشاملة من خلال المساهمة في مبادرة تخفيف أعباء الديون ودعم ميزان المدفوعات. وفي معظم الحالات قدمت تلك المؤسسات العون الفني للبناء والدعم المؤسسي وتحسين الكفاءات في الوكالات المحلية المنفذة للمشاريع. وتميل كل هذه الجهود لتعزيز الدور المحفز لمؤسسات العون العربي ورفع كفاءتها وتجنب الازدواجية وتحسين الأثر الجماعي على مستوى الدول . لقد كانت تلك هي الجوانب المثلى التي تتمتع بها اليوم كل من الجهات المستفيدة من المشاريع والمانحين الدوليين.

وهناك ناحية أخرى ذات أهمية ، فقد لمست مؤسسات العون العربي ضرورة توحيد سياساتها وإجراءاتها التمويلية منذ الثمانينيات . فبادرت بوضع سياسات وإجراءات عامة ونظم قياسية موحدة في خمسة مجالات رئيسة هي تحديدا: دراسات الجدوى , التقييم ، التصميم والإشراف ، والصرفيات من التمويل والمشتريات . وتساعد الإجراءات واللوائح الموحدة لمجموعة التنسيق على الحد من ممارسات الغش والفساد حيث تتسم المجموعة بالشفافية العالية خصوصا في عمليات التوريد وفي اختيار المستشارين للإشراف على تنفيذ العمل . والإجراءات الخاصة بالمناقصات والمراجعة وعمليات الاختيار.

وفي هذا الصدد ترحب مؤسسات مجموعة التنسيق ببرنامج توافق السياسات والاجراءات الذي تدعو إليه بنوك ومؤسسات التنمية المتعددة الأطراف (إم . دي . بي . إس MDBS ) والدول الأعضاء في لجنة مساعدة التنمية ( داك DAC ) .

السيدات والسادة :

مع رغبة مؤسسات العون العربي الإنمائي في ربط مساعداتها بالأغراض المحددة لها, أثبتت تلك المؤسسات أنها تشارك بفاعلية في معظم مبادرات التنمية الرئيسة. ففي مسالة الديون, شجع أعضاء مجموعة التنسيق، مثل كل وكالات التنمية الثنائية والأخرى متعددة الأطراف ، مبادرات إعفاء الديون وقدموا كل الدعم اللازم لذلك. كما تواصل مؤسسات العون العربي الإنمائي حالياً تقديم حصتها في مبادرة ( التخفيف من ديون الدول الفقيرة ذات المديونية العالية (هيبك HIPC ).

إن خبرة تزيد عن ثلاثة عقود من الزمان اكسبت مؤسسات العون العربي فهما عميقا بقضايا التنمية. وشاهدت بنفسها الاحتياجات والمتطلبات المتغيرة لعمليات التنمية . فتحركت تلك المؤسسات وتجاوبت مع الزمن تجاوبا وتكيفا سريعا مع القضايا و المبادرات التي استجدت . واهتمت أيضا بتلافي الأخطاء و الازدواجية في العمل وفرض السياسات والحلول المستوردة التي لا تستجيب للواقع .

وبالنظر إلى المستقبل فإن الهم الرئيس لمؤسسات العون العربي الإنمائي هو أن تستمر المجموعة في تقديم العون الملائم لاحتياجات الدول المستفيدة ، ولأولويات التنمية الحالية التي تتصدرها قضية الفقر، الإعفاء من الديون ، ومرض الإيدز، وتمويل القطاع الخاص ، والشراكة الجديدة للتنمية الإفريقية (نيباد NEPAD ) ، والعمل على تحقيق أهداف الألفية الجديدة. وربما نواجه غدا نوعا جديدا من التحديات. ولكن مهما كان الوضع فعلى المجتمع الدولي أن يرص الصفوف في مواجهة تلك التحديات. ليس ذلك فحسب بل يجب أن يعمل الجميع في اتساق وانسجام من أجل الأهداف المشتركة.

السيدات والسادة :

أعود للسؤال الذي طرحته سابقا وهو هل سيتواصل العون العربي الإنمائي ؟ الإجابة ببساطة : نعم بالطبع سيتواصل فهذا ما يجب . فمؤسسات العون العربي الإنمائي هي ذاتية التمويل ولديها مواردها لرأس المال ولم تشعر حتى الآن بضرورة اللجوء إلى الاقتراض من السوق المالية ، باستثناء البنك الإسلامي للتنمية الذي لجأ إلى تعبئة موارد إضافية من السوق لأول مرة هذا العام .

ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أن ما أنجزته مؤسسات العون العربي الإنمائي ، يعود للكفاءة الإدارية لهذه المؤسسات وهذا دليل آخر على شعورها بالمسئولية تجاه العالم النامي.

وعلى الرغم من أنه لا أحد يستطيع إنكار أن مصادر الدخل في الدول العربية المانحة هي مصادر محدودة وقابلة للنضوب ، إلا أن هنالك إصرار على أن يبقى العون العربي ويتواصل ويتسع نطاقه .

السيدات والسادة :

إلى جانب التركيز على تمويل قطاعات البنية التحتية في الدول النامية، فقد امتدت المظلة التمويلية لمؤسسات العون العربي الإنمائي لتشمل المشروعات الموجهة للتنمية البشرية المستدامة ، ومن المؤكد أن هذا الدور التنموي سيتعزز بتوسيع المظلة التمويلية أكثر لتغطي منظمات المجتمع المدني ، وبخاصة الجمعيات الأهلية . ومؤسسات العون العربي الإنمائي على قناعة بما يقوم به هذا القطاع من أدوار إيجابية في التنمية البشرية المستدامة جعلت الأمم المتحدة تضعه محوراً رئيساً في أجندة قمة الألفية الثالثة ، اعترافاً بفعالية دوره في تعزيز وتقدم المجتمعات وتطورها، وأنه يمثل قطاعاً مكملاً للقطاعات التنموية الأخرى.

كما أنه قد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك لمن يعمل في ميادين التنمية أهمية القروض الصغيرة ومتناهية الصغر في مكافحة الفقر والحد من آثاره السلبية في أوساط شريحة أفقر الفقراء ، باعتبارها أحد أنجع الأدوات للتعامل مع هذه الظاهرة . وقد آن الأوان لمؤسسات العون العربي الإنمائي أن تتوسع في تمويل بنوك الفقراء ، والتي قطع الأجفند مراحل متقدمة في تأسيسها في عدد من الدول العربية .

و أخيراً أيها السادة والسيدات ، إذا كنا نؤكد ضرورة تعميق أساليب التنسيق القائم بين مجموعة مؤسسات العون العربي الإنمائي وتطوير سبل التعاون وتبادل الخبرات ، فلا شك أن هذه المؤسسات ترحب بتقوية وتعزيز أواصر التعاون مع نظرائها من أجل التنمية، بما في ذلك الوكالات الثنائية وصناديق وبنوك التنمية متعددة الأطراف، ومنظمات الأمم المتحدة الإنمائية، والدول المستفيدة.

وختاماً ،, شكراً لكم جميعاً ,,

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,