الفعاليات

المؤتمر الافتراضي جائحة كورونا وحقوق الطفل من أزمة إلى فرصة


تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز
رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية
وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي للطفل
المؤتمر الافتراضي "جائحة كورونا وحقوق الطفل: من أزمة إلى فرصة"
16 نوفمبر / تشرين الثاني 2020


بمناسبة اليوم العالمي للطفل نظم المجلس العربي للطفولة والتنمية مؤتمرا افتراضيا بعنوان "جائحة كورونا وحقوق الطفل: من أزمة إلى فرصة" تحت رعاية صاحب السمو الملكى الامير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود رئيس المجلس، والذي شارك فى مناقشاته عبر تقنية زووم أكثر من 100 من ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية والجمعيات العاملة في مجال الطفولة والخبراء والإعلام، موجها النداء لايلاء الاهتمام بقضايا الطفولة وجعلها تتصدر سلم الأولويات خاصة في المرحلة القادمة التي يعاني فيها العالم اجمع والأطفال بشكل خاص من تداعيات جائحة كورونا.

وقد جاءت فكرة هذا المؤتمر مواكبة لمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يأتي كل عام لتعزيز الترابط الدولي، والتوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين رفاههم، تحت هدف إقامة عالم يكون فيه جميع الأطفال آمنين وقادرين على تحقيق تطلعاتهم، وادراكا بأن هذه المناسبة تأتي هذا العام 2020، والعالم يمر بأكبر أزمة إنسانية على كافة الأصعدة بسبب جائحة كورونا، والتي نتج وما زال ينتج عنها تداعيات اقتصادية واجتماعية ونفسية وتربوية متعددة، سيكون الأطفال أول المتأثرين بها، وسعيا نحو تسليط الضوء على تأثيرات جائحة كورونا على حقوق الأطفال، مع العمل على أن يتم استثمارها لتتحول من أزمة إلى فرصة حقيقية نحو التغيير إلى الأفضل، ولإعادة بناء عالم ما بعد كورونا... عالم أكثر شمولا واستدامة، وتواصلا مع الجهود التي يقوم بها المجلس العربي للطفولة والتنمية، من أجل نشر التوعية والمعرفة، إلى جانب الشراكة والتعاون والدعم، من أجل تجاوز هذه الأزمة وتداعياتها.

وفى هذا الصدد، أشار الأمير عبد العزيز بن طلال فى كلمة مسجلة افتتح بها أعمال المؤتمر إلى أن هذا اليوم يأتى هذا العام، والعالم يئن من وطأة تداعيات جائحة كورونا التي قوضت العديد من المكتسبات، وخلفت أزمة اقتصادية واجتماعية وصحية كبيرة، ستستمر تداعياتها على مدى أجيال وأجيال ما لم نتحرك لمواجهتها على كافة الأصعدة تعزيز الترابط الدولي، والتوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين رفاه الأطفال. وأضاف سموه بأنه "حين نتحدث عن تأثيرات جائحة كورونا نشير إلى تلك الكارثة الانسانية غير المسبوقة، حيث أوضحت جل التقارير الدولية والإقليمية إلى وجود صورة مقلقة وضبابية حول التداعيات الصحية والتعليمية والاجتماعية على الأطفال، فهناك تعطيل في الخدمات الصحية والتطعيمات، مع خطر ارتفاع نسب وفيات الأطفال الرضع، واحتمالية توقف العملية التعليمية مع عودة الموجة الثانية من جائحة كورونا، مما يعني العودة إلى التعليم عن بعد، وهو أمر يلاقي العديد من التحديات في دول عدة لعدم توفر مقومات البنية التكنولوجية لذلك، إضافة إلى تزايد احتمالية حدوث أزمة غذائية واقتصادية ترفع نسب الفقر المدقع، ناهينا عن تفاقم مشكلات اجتماعية منها تزايد نسبة عمل الأطفال خاصة الأشكال الأسوأ منها وكذلك ارتفاع حالات تعرض الفتيات للزواج المبكر، وتفاقم مستويات العنف والقلق والهلع والخوف، هذه الصورة لا تعني إلا أمرا واحدا هو الحاجة إلى العمل معا حتى بعد التعافي من جائحة كورونا".

ودعا سموه في كلمته قمة العشرين في دورتها الخامسة عشر القادمة باستضافة من المملكة العربية السعودية، تحت هدف عام هو"اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع"، إلى إيلاء الاهتمام بقضية الطفولة وجعلها تتصدر سلم الأولويات في المرحلة القادمة، لما لذلك من تأثير على المستقبل، ليكون بحق فرصة لفتح آفاق جديدة للخـروج بمبـادرات ومخرجـات تحقـق آمـال للجميع. موجها سموه التهنئة للمملكة العربية السعودية، ولخادم الحرمين الشرفين، على التحرك المبكر ونجاح الترتيبات اللازمة لعقد تلك القمة منذ أن تولت المملكة رئاستها في شهر ديسمبر الماضى.

واختتم سموه كلمته للمؤتمر موجها الدعوة إلى كل المعنيين بقضايا الطفولة والتنمية من قياديين ومخططين ومشتغلين ومهتمين، بالعمل والتعاون والتكاتف من أجل التعافي من هذه الأزمة، وإنقاذ ما هو قادم في كافة المناحي، لنؤسس عالمنا الذي نحلم به، عالم أكثر عدالة وشمولا واستدامة ومراعاة للبيئة وقدرة على الإبداع، ليحيا فيه أطفالنا متمتعين بالصحة والحماية والنماء ، مطالبا بالتكاتف من أجل التعافي من هذه الأزمة، و"إنقاذ ما هو قادم في كافة المناحي، لتأسيس عالم نحلم به، عالم أكثر عدالة وشمولا واستدامة ومراعاة للبيئة وقدرة على الإبداع، ليحيا فيه أطفالنا متمتعين بالصحة والحماية والنماء".

وأعقب ذلك كلمة المدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تيد شيبان مشيرا إلى إمكانية تحويل أزمة كورونا إلى فرصة تعزز حقوق الطفل، ملقيا الضوء على الجهود التي بذلتها اليونيسف لاحتواء تداعيات الأزمة من كافة النواحي الصحية والتعليمية والاجتماعية. وقال أن المنظمة تتوقع ارتفاع معدلات وفيات الأطفال دون الخامسة فى ظل الموجة الثانية من الوباء، نظرا لنقص التطعيمات، مؤكدا حاجة اليونيسيف لمبلغ مليار و٦٠٠ مليون دولار لدعم جهودها تجاه الأزمة، وأوصى مدير المنظمة الأممية - في كلمته - بضرورة دعم استمرار التعليم، والاستمرار في سد الفجوات الرقمية في الأنظمة المختلفة، والاستمرار في دعم الخدمات وبناء الثقة في الدعم الحكومي، وإعطاء أولويات قصوى لشبكات الأمان الاجتماعي وتوفير الدعم النقدي والجاهزية للأزمات المستقبلية.

كما تحدث الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي السابق وأستاذ القانون الدولي، مبينا ما كشفت عنه الدراسات العلمية الحديثة من تحذيرات بشأن التغاضي عن أعراض القلق والاكتئاب التي قد تصيب الأطفال نتيجة الانغلاق والعزلة التي فرضتها كورونا، مما قد يعرضهم لمشاكل الصحة النفسية تشعرهم بالخوف وعدم الأمان.

ثم بدأت أولى الجلسات العلمية للمؤتمر، والتي أدارها الدكتور حسن الببلاوي أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية، تحت عنوان "الإمكانيات التكنولوجية في مواجهة تأثيرات جائحة كورونا على الأطفال: التحديات والفرص"، تناول فيها الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم الأسبق الفرص المتاحة لتحويل معادلة جائحة كورونا من أزمة إلى فرصة. وأشار إلى أن الواقع الإفتراضى الذى فرضته جائحة كورونا ذو جذور تاريخية، حيث سجل البشر تخيلاتهم بالرسوم التى تحكى الواقع وتتنبأ بالمستقبل، مشيرا إلى تقدم التكنولوجيا وأتاحتها لأدوات تكنولوجية أكثر تقدما تتيح الإبحار العميق فى هذا الواقع، مشيرا إلى سلبيات وإيجابيات التعليم الهجين الذى يجمع بين الواقع الحقيقى والإفتراضى.

وفى مداخلات عبر زووم، أشار الدكتور عبد الحى عبيد عضو مجلس الشيوخ ورئيس الجامعة العربية المفتوحة فرع مصر إلى أن تكنولوجيا التعليم عن بعد والتعليم أون لاين يعترضها بعض التحديات، نظرا لوجود فئات لاتملك الموارد التى تؤهلها لاستقبال العملية التعليمية الكترونيا، متعهدا بتبنى هذه الإشكالية وغيرها من قضايا الطفولة تحت قبة البرلمان. في حين دعا الدكتور جيفارا البحيري إلى إطلاق مبادرة تواصل ودعم للأطفال تعتمد على بث رسائل موجهة للطفل بشأن كيفية استخدام التكنولوجيا فى مواجهة تداعيات كورونا.

فيما ركزت الجلسة الثانية على مناقشة موضوع التأثيرات الاجتماعية والنفسية لجائحة كورونا على حقوق الأطفال في المنطقة العربية. قدمها الدكتور محمد مقدادي أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة بالمملكة الأردنية الهاشمية. والتي تدخل خلالها الدكتور الطيب آدم ممثل اليونيسيف فى دول الخليج العربى متحدثا عن الأثر النفسى والإجتماعى لجائحة كورونا على الطفل، كما تحدث المفكر الدكتور أحمد أوزي الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالمغرب، والدكتورة الباحثة عزة كامل عن المسئولية الإجتماعية بعد العزلة التى فرضتها كورونا على الأطفال، في حين أشار الدكتور أحمد عبد الناظر منسق المشاريع بمركز تدريب وبحوث المرأة العربية ( الكوثر) إلى جهود المركز لرعاية المرأة مشددا أنه لايمكن التحدث عن الطفل دون التطرق للمرأة.

وتم تخصيص الجلسة الثالثة لطرح التجارب الرائدة، وتحدث ناصر القحطاني المدير التنفيذي لبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند)، عن جهود البرنامج التنموية في مجال الأطفال ومواجهة تداعيات جائحة كورونا، مؤكدا استمرار البرنامج فى دعم الجهود المبذولة من الحكومات العربية لمواجهة تداعيات أزمة كورونا ،خاصة وان الطفل هو المتأثر الأكبر من الأزمة٠ ثم قدم الدكتور محمد مجاهد نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني تجربة منظومة التعليم قبل الجامعى فى مصر، اشار خلالها الى حجمها وتطوير نظام التعليم المصرى منذ عام ٢٠١٨، وخصائص نظام التعليم الجديد وما تم إنجازه قبل جائحة كورونا، وركائز استراتيجية تطوير التعليم الفنى ومواجهة الموجة الأولى من الجائحة ومواجهة اثارها خلال العام الدراسى الماضى والحالي. في حين أشار قيدار أيوب مسئول أول التنسيق الإقليمي بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بكلمة دارت حول حماية الأطفال اللاجئين في ظل كورونا، واختتمت الجلسة مناقشاتها بطرح المهندس محمد رضا فوزي مدير إدارة البحوث والتوثيق وتنمية المعرفة بالمجلس العربي للطفولة والتنمية جهود المجلس في مجال مواجهة تداعيات جائحة كورونا على الأطفال استنادا إلى التوجه الاستراتيجي للمجلس من خلال نموذج تربية الأمل، الذى يتبناه المجلس ويتكون فكريا من اربع دوائر ترجمت مسيرة المجلس عبر مسيرته على مدى ٣٠ عاما وتبلورت من خلال ممارسات وإنجازات وخطط استراتيجية.

وفى الجلسة الحوارية التي عقدها المؤتمر وأدارها الإعلامى إميل أمين تم مناقشة أربعة محاور رئيسية: دار أولها حول تأثيرات جائحة كورونا صحيا على الأطفال، تناولها بالشرح الدكتور خالد صديق المسئول الطبي بوحدة صحة الأطفال المراهقين بالمكتب الإقليمى لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، وركز المحور الثاني على موضوع تأثيرات جائحة كورونا على الأطفال في ظروف صعبة (الأطفال العاملين واللاجئين نموذجا)، وتناولته الدكتورة حياة عسيران الخبيرة في مجال عمل الأطفال بمنظمة العمل الدولية، فيما ناقش الدكتور غسان عيسى منسق الشبكة العربية لتنمية الطفولة المبكرة في المحور الثالث موضوع التعليم المبكر في ظل جائحة كورونا، واوضح أن مؤشر حقوق الأطفال الذى يستند إلى قياس حسن حال ورفاه الأطفال المهمشين والمعارضين للأخطار فى جميع أنحاء العالم يدعو الى التحقق من مستوى حصولهم على حقوقهم فى الحياة والصحة والتعليم والبيئة، مؤكدا أن الوقت قد حان لاعادة بناء مستقبل البشرية، والعمل على صياغة عقد إجتماعى جديد يستند الى مبادئ الحقوق ويآمن العمل المستدام والحريات الشخصية والعامة والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية ويعزز القدرة على تحمل الصدمات المستقبلية. وخصص المحور الرابع لمناقشة موضوع المجتمع المدني ودوره في مواجهة تأثيرات كورونا (الحركة الكشفية العربية نموذجا)، طرحه الدكتور عمرو حمدى أمين عام المنظمة الكشفية العربية ، ومدير الإقليم الكشفي العربي.

وتدخل في هذه الجلسة الخبير الحقوقي بسام عيشة الذي اشار إلى ضرورة اعتماد المقاربة الحقوقية الشاملة، والتأكد من عدم ترك أي طفلٍ خارجاً عن الركب ونحن نخطّ الخطا نحو عام 2030، وكذا من الإعلامية الدكتورة لمياء محمود التي طالبت بالاستثمار في مواجهة جائحة كورونا.

وتضمن المؤتمر استعراض تجربة عربية ملهمة في مجال الطفولة والتنمية، قدمتها نوال مصطفى رئيسة جمعية رعاية أطفال السجينات، والحاصلة على جائزة الأمير طلال العالمية للعام ٢٠١٩، حيث شرحت كيف بدأت فكرة إنشاء الجمعية ، ورسالتها فى المجتمع.

واختتم المؤتمر الدكتور حسن البيلاوي أمين عام المجلس العربي للطفولة بكلمة ، مشيرا إلى أن المؤتمر أوصى بدعوة الحكومات والقطاع المدني والخاص والجهات المانحة إلى بذل كافة الجهود للتخفيف من أثر الجائحة وتوفير الرعاية والإمدادات لحماية الأطفال، والعمل على تعزيز الإطار المؤسسي والتشريعي من حيث القوانين والأنظمة الوطنية والأطر المؤسساتية، والحماية من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، بحيث يتم إصلاح سياسات سوق العمل وإصلاح سياسات الحماية الاجتماعية والوصول إلى الخدمات الأساسية، بما فيها التعليم والرعاية الاجتماعية للفئات الهشة والضعيفة ومن بينها الطفل، خاصة في ظروف (الحروب - الإيواء- التشرد - الاحتجاز - العنف والاستغلال القسري - اللجوء - العاملين في مهن خطرة ...الخ)، وبذل كل الجهد لعودة الأطفال إلى التعليم بشكل منتظم، مع اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، وفي كل الأحوال، ينبغي العمل على تنمية القدرات من أجل النهوض بالبنية التكنولوجية، لبث الحياة فى العملية التعليمية ورفع استخدام التكنولوجيات الحديثة مثل الواقع الافتراضى والواقع المعزز، والتأكيد على أهمية تحسين تمويل ودعم البحث العلمي في مجالات مواجهة فيروس كورونا المستجد، والتعاون الإقليمي والدولي في الميادين العلمية لخدمة الإنسانية، وأخيرا مطالبة خبراء علم النفس والاجتماع بمزيد من البحث والدراسة لعالم ما بعد كورونا وما سيحمله من تداعيات على الطفل في المستقبل.

البوم الفيديو


البوم الصور